لَواقِعٌ) يريد : عذاب الآخرة واقع للكافرين ؛ قاله قتادة (١) ، قال الشيخ عبد الحق في «العاقبة» : ويروى أنّ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ سمع قارئا يقرأ : (وَالطُّورِ* وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) قال : هذا قسم حقّ ، فلمّا بلغ القارئ إلى قوله ـ عزوجل ـ : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) ظنّ أنّ العذاب قد وقع به فغشي عليه ، انتهى ، و (تَمُورُ) معناه : تذهب وتجيء بالرياح متقطعة متفتّتة ، وسير الجبال : هو في أوّل الأمر ، ثم تتفتّت حتى تصير آخرا كالعهن المنفوش ، و (يُدَعُّونَ) قال ابن عبّاس وغيره (٢) : معناه : يدفعون في أعناقهم بشدة وإهانة وتعتعة ، ومنه : (يَدُعُّ الْيَتِيمَ) [الماعون : ٢] ، وفي الكلام محذوف ، تقديره : يقال لهم : هذه النار التي كنتم بها تكذبون ؛ توبيخا وتقريعا لهم ، ثم وقفهم سبحانه بقوله : (أَفَسِحْرٌ هذا ...) الآية : ثم قيل لهم على جهة قطع رجائهم : اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ، أي : عذابكم حتم ، فسواء جزعكم / وصبركم ، لا بدّ من جزاء أعمالكم.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)(٢٠)
وقوله سبحانه : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ ...) الآية : يحتمل أن يكون من خطاب أهل النار ، فيكون إخبارهم بذلك زيادة في غّمّهم وسوء حالهم ، نعوذ بالله من سخطه! ويحتمل ، وهو الأظهر ، أن يكون إخبارا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ومعاصريه ، لما فرغ من ذكر عذاب الكفار عقّب بذكر نعيم المتقين ـ جعلنا الله منهم بفضله ـ ليبين الفرق ، ويقع التحريض على الإيمان ، والمتقون هنا : متّقو الشرك ؛ لأنّهم لا بدّ من مصيرهم إلى الجنات ، وكلما زادت الدرجة في التقوى قوي الحصول في حكم الآية ، حتّى إنّ المتقين
__________________
ـ الرخصة في ذلك ، حديث (٤٩٨٨) ، والترمذي (٤ / ١٧١ ـ ١٧٢) ، كتاب «الجهاد» باب : ما جاء في الخروج عند الفزع ، حديث (١٦٨٥ ـ ١٦٨٦ ـ ١٦٨٧) ، وابن ماجه (٢ / ٩٢٦) ، كتاب «الجهاد» باب : الخروج في النفير ، حديث (٢٧٧٢) ، وأحمد (٣ / ١٤٧ ، ١٨٠ ، ١٨٥ ، ٢٧١ ، ٢٧٤ ، ٢٩١) ، وأبو داود الطيالسي (٢ / ١٢١) ـ منحة رقم : (٢٤٣٨) ، وأبو يعلى (٥ / ٣٣٦) رقم : (٢٩٦٢) ، والبيهقي (١٠ / ٢٥) كتاب «السبق والرمي» باب : ما جاء في تسمية البهائم والدواب (١٠ / ٢٠٠) ، كتاب «الشهادات» باب : من سمى المرأة قارورة ، من حديث أنس بن مالك.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٤٨٤) برقم : (٣٢٣١٩)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٤٨٤) برقم : (٣٢٣٢٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٨٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٦) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر.