على الإطلاق هم في هذه الآية قطعا على الله تعالى بحكم خبره الصادق ، وقرأ جمهور الناس : «فاكهين» (١) ومعناه : فرحين مسرورين ، وقال أبو عبيدة : هو من باب : «لابن» و «تامر» ، أي : لهم فاكهة (٢) ، قال* ع (٣) * : والمعنى الأوّل أبرع ، وقرأ خالد فيما روى أبو حاتم : «فكهين» (٤) والفكه والفاكه : المسرور المتنعم.
وقوله تعالى : (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أي : من إنعامه ورضاه عنهم.
وقوله تعالى : (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) هذا متمكن في متّقي المعاصي ، الذي لا يدخل النار (وَوَقاهُمْ) مشتق من الوقاية ، وهي الحائل بين الشيء وبين ما يضرّه.
وقوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) أي : يقال لهم : كلوا واشربوا ، و (هَنِيئاً) نصب على المصدر.
وقوله : (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) معناه : أنّ رتب الجنة ونعيمها بحسب الأعمال ، وأمّا نفس دخولها فهو برحمة الله وفضله ، وأعمال العباد الصالحات لا توجب على الله تعالى التنعيم إيجابا ؛ لكنّه سبحانه قد جعلها أمارة على من سبق في علمه تنعيمه ، وعلّق الثواب والعقاب بالتكسب الذي في الأعمال ، والحور : جمع حوراء ، وهي البيضاء القوية بياض بياض / العين وسواد سوادها ، والعين : جمع عيناء ، وهي كبيرة العينين مع جمالهما ، وفي قراءة ابن مسعود والنخعيّ : «وزوّجناهم بعيس عين» (٥) قال أبو الفتح : العيساء : البيضاء.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٢٥) قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)(٢٨)
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٨٨) ، و «البحر المحيط» (٨ / ١٤٥) ، و «الدر المصون» (٦ / ١٩٧)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ١٨٨)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٨٨)
(٤) ينظر : مصادر القراءة السابقة.
(٥) ينظر : «المحتسب» (٢ / ٢٩٠) ، و «مختصر الشواذ» ص : (١٤٦) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ١٨٨) ، وقال : وحكى أبو عمرو عن عكرمة أنه قرأ «بعيس عين» على إضافة «عيس» إلى «عين».