فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٧) وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٤٠) وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ)(٤١)
وقوله : (تَنْزِعُ النَّاسَ) معناه : تقلعهم من مواضعهم قلعا فتطرحهم ، وروي عن مجاهد أنّ الريح كانت تلقي الرجل على رأسه ؛ فيتفتت رأسه وعنقه ، وما يلي ذلك من بدنه (١) ، قال* ع (٢) * : فلذلك حسن التشبيه بأعجاز النخل ؛ وذلك أنّ المنقلع هو الذي ينقلع من قعره ، وقال قوم : إنّما شبّههم بأعجاز النخل ؛ لأنّهم كانوا يحتفرون حفرا ليمتنعوا فيها من الريح ، فكأنّه شبّه تلك الحفر بعد النزع بحفر أعجاز النخل ، والنخل : تذكّر وتؤنّث ، وفائدة تكرار قوله : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) التخويف وهزّ النفوس ، وهذا موجود في تكرار الكلام ؛ كقوله صلىاللهعليهوسلم : «ألا هل / بلّغت ، ألا هل بلّغت ، ألا هل بلّغت» (٣) ونحوه ، و [قول] ثمود لصالح : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) : هو حسد منهم ، واستبعاد منهم أن يكون نوع البشر يفضل هذا التفضيل ، ولم يعلموا أنّ الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ، ويفيض نور الهدى على من رضيه ، وقولهم : (إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ) أي : في ذهاب وانتلاف عن الصواب ، (وَسُعُرٍ) معناه : في احتراق أنفس واستعارها حنقا ، وقيل : في جنون ؛ يقال : ناقة مسعورة إذا كانت خفيفة الرأس هائمة على وجهها ، والأشر : البطر ، وقرأ الجمهور (٤) : (سَيَعْلَمُونَ) بالياء ، وقرأ حمزة وحفص : «ستعلمون» بالتاء من فوق ؛ على معنى : قل لهم يا صالح.
ثم أمر الله صالحا بارتقاب الفرج والصبر.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٥٥٩) برقم : (٣٢٧٨٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢١٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٨٢) ، وعزاه لسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢١٦)
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) وقراءة الجمهور هي قراءة علي بن أبي طالب ، وقرأ بالتاء من فوق ابن عامر وحمزة ، وابن وثاب ، وطلحة ، والأعمش.
وأما حفص فقرأ بقراءة الجمهور ، وليس كما ذكر المصنف متابعة لابن عطية ، وإنما قراءته بالتاء من طريق هبيرة عن حفص.
ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢١٧) ، و «الحجة» (٦ / ٢٤٣) ، و «معاني القراءات» (٣ / ٤٣) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٢٧) ، و «حجة القراءات» (٦٨٩) ، و «العنوان» (١٨٣) ، و «شرح شعلة» (٥٩٢) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٠٧) ، و «التخريجات النحوية» (٢٥٨)