دون اللفظ ، مجازه : وما أمرنا إلّا مرة واحدة كن فيكون (كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) ، أي : كخطف بالبصر ، فقيل له : إنّه يعني الساعة ، فقال : الساعة وجميع ما يريد ، انتهى ، وكلام أبي عبيد عندي حسن.
والأشياع : الفرق المتشابهة في مذهب ، أو دين ، ونحوه ، الأوّل شيعة للآخر ، والآخر شيعة للأوّل ، وكلّ شيء فعلته الأمم المهلكة في الزبر ، أي : مكتوب محفوظ عليهم إلى يوم الحساب ؛ قاله ابن عبّاس وغيره (١) ، و (مُسْتَطَرٌ) أي : مسطّر ، وقرأ الجمهور (٢) : و (نَهَرٍ) ـ بفتح النون والهاء ـ ؛ على أنّه اسم الجنس يريد به الأنهار ، أو على أنّه بمعنى : وسعة في الأرزاق والمنازل ، قال أبو حيان (٣) : وقرأ الأعمش «ونهر» ـ بضم النون والهاء ـ جمع نهر ؛ ك «رهن» و «رهن» انتهى.
وقوله تعالى : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) يحتمل أن يريد به الصدق الذي هو ضدّ الكذب ، أي : المقعد الذي صدقوا في الخبر به ، ويحتمل أن يكون من قولك : عود صدق ، أي : جيد ، ورجل / صدق ، أي : خير ، والمليك المقتدر : الله تعالى.
* ت* : وقال الثعلبيّ : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) أي : في مجلس حقّ لا لغو فيه ولا تأثيم ، وهو الجنة عند مليك مقتدر ، و (عِنْدَ) : إشارة إلى القربة والرتبة ، انتهى.
ـ ص ـ : قال أبو البقاء : (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) : بدل من قوله : (فِي جَنَّاتٍ) انتهى ، قال المحاسبيّ : وإذا أخذ أهل الجنة مجالسهم ، واطمأنوا في مقعد الصدق الذي وعده الله لهم ، فهم في القرب من مولاهم سبحانه على قدر منازلهم عنده ، انتهى من كتاب «التّوهّم» ثم قال المحاسبيّ بإثر هذا الكلام : فلو رأيتهم ، وقد سمعوا كلام ربهم ، وقد داخل قلوبهم السرور ، وقد بلغوا غاية الكرامة ومنتهى الرضا والغبطة ، فما ظنّك بنظرهم إلى العزيز العظيم الجليل الذي لا تقع عليه الأوهام ؛ ولا تحيط به الأفهام ، ولا تحده الفطن ، ولا تكيّفه الفكر ، الأزليّ القديم ، الذي حارت العقول عن إدراكه ، وكلّت الألسن عن كنه صفاته؟! انتهى.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٢٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٨٦) ، وعزاه لابن المنذر.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٢٢) ، و «البحر المحيط» (٨ / ١٨٢) ، و «الدر المصون» (٦ / ٢٣٤)
(٣) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ١٨٢) ، وفيه أيضا : أنها قراءة زهير الفرقبي وأبي نهيك ، وأبي مجلز ، واليماني.
وينظر : «المحتسب» (٢ / ٣٠٠)