معروف في كلام العرب ؛ يقال : لأفرغنّ لك ، وما به شغل ، انتهى ، و (الثَّقَلانِ) : الإنس والجن ؛ يقال : لكل ما يعظم أمره : ثقل ، وقال جعفر بن محمّد الصادق : سمّي الإنس والجنّ ثقلين ؛ لأنّهما ثقلا بالذنوب (١) ، قال* ع (٢) * : وهذا بارع ينظر إلى خلقهما من طين ونار ، واختلف الناس في معنى قوله تعالى : (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا ...) الآية : فقال الطبريّ (٣) : قال قوم : المعنى : يقال لهم يوم القيامة : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ ...) الآية ، قال الضّحّاك : وذلك أنّه يفرّ الناس في أقطار الأرض ، والجنّ كذلك ؛ لما يرون من هول يوم القيامة ، فيجدون سبعة صفوف من الملائكة ، قد أحاطت بالأرض ، فيرجعون من حيث جاؤوا ، فحينئذ يقال لهم : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (٤) ، وقال بعض المفسّرين : هي مخاطبة في الدنيا ، والمعنى : إن استطعتم الفرار من الموت بأن تنفذوا من أقطار السموات والأرض ، فانفذوا.
/ * ت* : والصواب الأول.
وقوله : (فَانْفُذُوا) : صيغة أمر ، ومعناه : التعجيز ، و «الشّواظ» : لهب النار ؛ قاله ابن عبّاس وغيره (٥) ، قال أبو حيّان (٦) : الشواظ : هو اللهب الخالص بغير دخان ، انتهى ، و «النّحاس» : هو المعروف ؛ قاله ابن عبّاس وغيره (٧) ، أي : يذاب ويرسل عليهما ، ونحوه في البخاريّ ، قال ـ ص ـ : وقال الخليل : «النّحاس» هنا هو : الدّخان الذي لا لهب له ، ونقله أيضا أبو البقاء وغيره ، انتهى.
(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٤٥)
__________________
(١) ذكره البغوي (٤ / ٢٧١) ، وابن عطية (٥ / ٢٣٠)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٣٠)
(٣) ينظر : «تفسير الطبري» (١١ / ٥٩٤)
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٥٩٤) برقم : (٣٣٠١٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٣٠)
(٥) أخرجه الطبري (١١ / ٥٩٦) برقم : (٣٣٠٢٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٣٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٧٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٨) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٦) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ١٩٣)
(٧) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٣١)