فبعث النبيّ صلىاللهعليهوسلم في أوس ، وأمره بالتّكفير ، فكفّر بالإطعام ، وأمسك أهله» (١) قال ابن العربي في «أحكامه» (٢) : والأشبه في اسم هذه المرأة أنّها خولة بنت ثعلبة ، امرأة أوس بن الصامت ، وعلى هذا اعتمد الفخر ؛ قال الفخر (٣) : هذه الواقعة تدلّ على أنّ من انقطع رجاؤه من الخلق ، ولم يبق له في مهمّه أحد إلّا الخالق ـ كفاه الله ذلك المهم ، انتهى ، والمحاورة : مراجعة القول ومعاطاته ، وفي مصحف ابن مسعود (٤) : «تحاورك في زوجها» والظّهار : قول الرجل لامرأته : أنت عليّ كظهر أمّي ، يريد في التحريم ؛ كأنّها إشارة إلى الركوب ، إذ عرفه في ظهور الحيوان ، وكان أهل الجاهلية يفعلون ذلك ، فردّ الله بهذه الآية على فعلهم ، وأخبر بالحقيقة من أنّ الأمّ هي الوالدة ، وأمّا الزوجة فلا يكون حكمها حكم الأمّ ، وجعل الله سبحانه القول بالظهار منكرا وزورا ، فهو محرّم ، لكنّه إذا وقع لزم ؛ هكذا قال فيه أهل العلم ، لكنّ تحريمه تحريم المكروهات جدّا ، وقد رجّى الله تعالى بعده بأنّه عفوّ غفور مع الكفّارة.
وقوله سبحانه : (ثُمَّ يَعُودُونَ ...) الآية.
* ت* : اختلف في معنى العود ، والعود في «الموطّإ» : العزم على / الوطء والإمساك معا ، وفي «المدوّنة» : العزم على الوطء خاصّة.
وقوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، قال الجمهور : وهذا عامّ في نوع المسيس الوطء والمباشرة ، فلا يجوز لمظاهر أن يطأ ، ولا أن يقبّل أو يلمس بيده ، أو يفعل شيئا من هذا النوع إلّا بعد الكفارة ؛ وهذا قول مالك رحمهالله.
وقوله تعالى : (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) : إشارة إلى التحذير ، أي : فعل ذلك ؛ عظة لكم لتنتهوا عن الظهار.
وقوله سبحانه : (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) : قال الفخر (٥) : الاستطاعة فوق الوسع ؛ والوسع فوق الطاقة ، فالاستطاعة هي أن يتمكّن الإنسان من الفعل على سبيل السهولة ، انتهى ،
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢ / ٢٦٥) ، كتاب «الطلاق» باب : في الظهار ، حديث (٢٢١٣)
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٤ / ١٧٤٥)
(٣) ينظر : «تفسير الرازي» (٢٩ / ٢١٨)
(٤) ينظر : «الشواذ» ص : (١٥٤) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٧٣)
(٥) ينظر : «تفسير الرازي» (٢٩ / ٢٢٧)