انظر السير ، وقد أطنب صاحب المدخل في الإنحاء والردّ على المجيزين للقيام ، والسلامة عندي ترك القيام.
وقوله تعالى : (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ) معناه : في رحمته وجنّته.
ـ ص ـ : (يَفْسَحِ) مجزوم في جواب الأمر ، انتهى ، (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا) معناه : ارتفعوا ، وقوموا فافعلوا ذلك ؛ ومن «رياض الصالحين» للنوويّ : وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يحلّ للرّجل أن يفرّق بين اثنين إلّا بإذنهما» (١) رواه أبو داود ، والترمذيّ وقال : حديث حسن ، وفي رواية لأبي داود : «لا يجلس بين رجلين إلّا بإذنهما» وعن حذيفة ـ رضي الله عنه ـ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لعن من جلس وسط الحلقة» (٢) ، رواه أبو داود بإسناد حسن ، وروى الترمذيّ عن أبي مجلز ؛ أنّ رجلا قعد وسط الحلقة ، فقال حذيفة : «ملعون على لسان محمّد صلىاللهعليهوسلم ، أو لعن الله على لسان محمّد صلىاللهعليهوسلم من جلس وسط الحلقة» (٣) قال الترمذيّ : حديث حسن صحيح ، انتهى.
وقوله سبحانه : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ...) الآية : قال جماعة : المعنى : يرفع الله المؤمنين العلماء درجات ؛ فلذلك أمر بالتفسّح من أجلهم ، وقال آخرون : المعنى : يرفع الله المؤمنين والعلماء الصنفين جميعا درجات ، لكنّا نعلم تفاضلهم في الدرجات من مواضع أخر ؛ فلذلك جاء الأمر بالتفسح عامّا بالتفسح عامّا للعلماء وغيرهم ، وقال ابن مسعود وغيره (٤) : «يرفع الله الذين آمنوا منكم» وهنا تمّ الكلام ، ثم ابتدأ بتخصيص العلماء بالدرجات ، ونصبهم بإضمار فعل ، فللمؤمنين رفع على هذا / التأويل ، وللعلماء درجات ، وعلى هذا التأويل قال مطرّف بن عبد الله بن الشخير (٥) : فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة ، وخير دينكم الورع ، وروى البخاريّ وغيره عن أبي موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «مثل ما
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٥ / ١٧٥) ، كتاب «الأدب» باب : في الرجل يجلس بين الرجلين (٤٨٤٥) ، والترمذي (٥ / ٨٩) ، كتاب «الأدب» باب : ما جاء في كراهية الجلوس بين الرجلين بغير إذنهما (٢٧٥٢) ، وأحمد (٢ / ٢١٣).
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٢) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٧٤) ، كتاب «الأدب» باب : الجلوس وسط الحلقة (٤٨٢٦) ، والترمذي (٥ / ٩٠) ، كتاب «الأدب» باب : ما جاء في كراهية القعود وسط الحلقة (٢٧٥٣).
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٣) انظر الحديث السابق.
(٤) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٧٩)
(٥) أخرجه الطبري (١٢ / ١٩) ، وابن عطية (٥ / ٢٧٩)