يدا ، فصدّقه النبيّ صلىاللهعليهوسلم وقال : لا تقولوا لحاطب إلّا خيرا» (١) وروي أنّ حاطبا كتب : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد غزوكم في مثل اللّيل والسّيل ، وأقسم بالله ، لو غزاكم وحده ، لنصر عليكم ، فكيف وهو في جمع كثير؟! ـ ص ـ : و (تُلْقُونَ) مفعوله محذوف ، أي : تلقون إليهم أخبار الرسول وأسراره ، و (بِالْمَوَدَّةِ) : الباء للسبب ، انتهى.
وقوله تعالى : (أَنْ تُؤْمِنُوا) : مفعول من أجله ، أي : أخرجوكم من أجل أن آمنتم بربكم.
وقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ) : شرط ، جوابه متقدم في معنى ما قبله ، وجاز ذلك لما لم يظهر عمل الشرط ، والتقدير : إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ، فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ، و (جِهاداً) منصوب على المصدر ، وكذلك (ابْتِغاءَ) ويجوز أن يكون ذلك مفعولا من أجله ، والمرضاة : مصدر كالرضى و (تُسِرُّونَ) حال من (تُلْقُونَ) ، ويجوز أن يكون في موضع خبر ابتداء ، كأنّه قال : أنتم تسرّون ، ويصحّ أن يكون فعلا ابتدئ به القول.
وقوله تعالى : (أَعْلَمُ) يحتمل أن يكون أفعل ، ويحتمل أن يكون فعلا ؛ لأنّك تقول : علمت بكذا فتدخل الباء.
ـ ص ـ : والظاهر أنّه أفعل تفضيل ؛ ولذلك عدّي بالباء ، انتهى ، و (سَواءَ) يجوز أن يكون مفعولا ب (ضَلَ) على تعدي «ضل» ، ويجوز أن يكون ظرفا / على غير التعدي ؛ لأنّه يجيء بالوجهين ، والأوّل أحسن في المعنى ، والسواء : الوسط ، و (السَّبِيلِ) : هنا شرع الله وطريق دينه.
(إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٣)
وقوله سبحانه : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً ...) الآية : أخبر تعالى أنّ مداراة هؤلاء الكفرة غير نافعة في الدنيا ، وأنّها ضارّة في الآخرة ؛ ليبين فساد رأي مصانعهم ،
__________________
(١) أخرجه البخاري (٦ / ١٦٦) ، كتاب «الجهاد والسير» باب : الجاسوس (٣٠٠٧) ، وأطرافه (٣٠٨١ ، ٣٩٨٣ ، ٤٢٧٤ ، ٤٨٩٠ ، ٦٢٥٩ ، ٦٩٣٩) ، ومسلم (٤ / ١٩٤١ ـ ١٩٤٢) ، كتاب «فضائل الصحابة» باب : من فضائل أهل بدر رضي الله عنهم ، وقصة حاطب من أبي بلتعة (١٦١ ، ١٦١ / ٢٤٩٤) ، وأبو داود (٢ / ٥٤) ، كتاب «الجهاد» باب : في حكم الجاسوس إذا كان مسلما (٢٦٥٠) ، والترمذي (٥ / ٦٩٧) ، كتاب «المناقب» باب : (٥٩) (٣٨٦٤)