الله ؛ ما يقدّر يكن وما ترزق يأتك (١) ، وعنه صلىاللهعليهوسلم «استنزلوا الرزق بالصّدقة» (٢) ، انتهى من كتابه المسمى ب «بهجة المجالس وأنس المجالس».
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) هذه الآيات كلّها عظة لجميع الناس ، ومعنى حسبه : كافيه. وقال ابن مسعود : هذه أكثر الآيات حضّا على التفويض لله (٣).
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) بيان ، وحضّ على التوكل ، أي : لا بدّ من نفوذ أمر الله ؛ توكلت أيّها المرء أو لم تتوكّل ؛ قاله مسروق ؛ فإن توكلت على الله كفاك وتعجّلت الراحة والبركة ، وإن لم تتوكّل وكلك إلى عجزك وتسخّطك ، وأمره سبحانه في الوجهين نافذ.
(وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى)(٦)
وقوله سبحانه : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ ...) الآية ، «اللائي» جمع «التي» واليائسات من المحيض على مراتب ؛ محلّ بسطها كتب الفقه ، وروى إسماعيل بن خالد ؛ أنّ قوما منهم أبيّ بن كعب وخلّاد بن النعمان ، لما سمعوا قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] قالوا : يا رسول الله ؛
__________________
ـ عباده من حيث يحتسبون ، وهو كذلك ، فإن الله تعالى يرزق عباده على حيث يحتسبون تارة كالتجارة والحراثة ، وتارة يرزقهم من حيث لا يحتسبون ، كالرجل يصيب معدنا ، أو ركازا ، أو يرث قريبا له يموت ، أو يعطيه أحد مالا من غير استشراف نفس ولا سؤال ، وآية (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ) ليس فيها حصر فليتأمل!!.
(١) ذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (٢ / ٥٢٣) ، وقال : رواه أبو نعيم عن خالد بن رافع ، وهو مختلف في صحبته ، والأصبهاني في «ترغيبه» عن مالك بن عمرو المغافري مرسلا ، ولأبي نعيم أيضا عن أنس قال : خدمت النبي صلىاللهعليهوسلم عشر سنين ، فما لامني فيما نسيت ولا فيما ضيّعت ، فإن لامني بعض أهله قال : دعوه ، فما قدّر فهو كائن ، وفي رواية : خدمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشر سنين ، وكان بعض أهله إذا قال لي شيئا قال : دعوه ، فما قدّر سيكون.
(٢) انظر الحديث قبل السابق.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ١٣٢) ، برقم : (٣٤٢٩٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٢٤)