لا حاجة لي به ، قالت عائشة : تقول سودة حين بلغنا امتناعه : والله ، لقد حرمناه ، فقلت لها : اسكتي ، قال* ع (١) * : والقول الأوّل أن الآية نزلت بسبب مارية أصحّ وأوضح ، وعليه تفقّه الناس في الآية ، ومتى حرّم الرجل مالا أو جارية فليس تحريمه بشيء* ت* : والحديث الثّاني هو الصحيح خرّجه البخاريّ ومسلم وغيرهما ، ودعا الله تعالى نبيّه باسم النبوّة الذي هو دالّ على شرف منزلته وفضيلته التي خصّه بها ، وقرّره تعالى كالمعاتب له على تحريمه على نفسه ما أحلّ الله له ، ثم غفر له تعالى ما عاتبه فيه ورحمه.
وقوله تعالى : (قَدْ فَرَضَ اللهُ) أي : بيّن وأثبت ، فقال قوم من أهل العلم : هذه إشارة إلى تكفير التّحريم ، وقال آخرون هي : إشارة إلى تكفير اليمين المقترنة بالتحريم ، والتّحلّة مصدر وزنها «تفعلة» وأدغم لاجتماع / المثلين ، وأحال في هذه الآية على الآية التي فسّر فيها الإطعام في كفارة اليمين بالله تعالى ، والمولى الموالي الناصر.
(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ) يعني حفصة (حَدِيثاً) قال الجمهور الحديث هو قوله في أمر مارية ، وقال آخرون : بل هو قوله : إنّما شربت عسلا.
وقوله تعالى : (عَرَّفَ بَعْضَهُ) المعنى مع شدّ الراء : أعلم به وأنّب عليه وأعرض عن بعض ، أي : تكرّما وحياء وحسن عشرة ، قال الحسن : ما استقصى كريم قط (٢) ، والمخاطبة بقوله : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) هي لحفصة وعائشة ، وفي حديث البخاريّ ، وغيره عن ابن عبّاس قال : قلت لعمر : من اللتان تظاهرتا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : حفصة وعائشة (٣).
وقوله : (صَغَتْ قُلُوبُكُما) معناه مالت ، والصغي الميل ، ومنه أصغى إليه بأذنه ، وأصغى الإناء ، وفي قراءة ابن مسعود (٤) : «فقد زاغت قلوبكما» والزيغ : الميل وعرفه في خلاف الحقّ ، وجمع القلوب من حيث الاثنان جمع ، ـ ص ـ : (قُلُوبُكُما) القياس فيه : قلباكما مثنّى ، والجمع أكثر استعمالا وحسنه إضافته إلى مثنّى ، وهو ضميرهما ؛ لأنّهم كرهوا اجتماع تثنيتين ، انتهى ، ومعنى الآية إن تبتما فقد كان منكما ما ينبغي أن يتاب منه ، وهذا الجواب الذي للشّرط هو متقدم في المعنى ، وإنما ترتّب جوابا في اللفظ ، (وَإِنْ تَظاهَرا) معناه : تتعاونا وأصل : (تَظاهَرا) تتظاهرا ، و (مَوْلاهُ) أي : ناصره ، (وَجِبْرِيلُ)
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٣٠)
(٢) ذكره البغوي (٤ / ٣٦٤) ، وابن عطية (٥ / ٣٣١)
(٣) تقدم.
(٤) ينظر : «الكشاف» (٤ / ٥٦٦) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٣١) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٢٨٦) ، و «الدر المصون» (٦ / ٣٣٥)