وقيل هو : الأخنس بن شريق ، ويؤيد ذلك أنه كانت له زنمة في حلقه كزنمة (١) الشاة ، وأيضا فكان من ثقيف ملصقا في قريش ، وقيل : هو أبو جهل ، وقيل : هو الأسود بن عبد يغوث ، قال* ع (٢) * : وظاهر اللفظ عموم من اتّصف بهذه الصفات ، والمخاطبة بهذا المعنى مستمرة باقي الزّمان ، لا سيما لولاة الأمور.
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(١٥)
وقوله تعالى : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) قال كثير من المفسرين : الخير هنا المال فوصفه بالشّحّ ، وقال آخرون : بل هو على عمومه في الأموال والأعمال الصالحات ، والمعتدي المتجاوز لحدود الأشياء ، والأثيم فعيل من الإثم ، والعتلّ : القويّ البنية ، الغليظ الأعضاء ، القاسي القلب ، البعيد الفهم ، الأكول الشروب ، الذي هو باللّيل جيفة وبالنّهار حمار ، وكلّ ما عبر به المفسرون عنه من خلال النقص ، فعن هذه الّتي ذكرت / تصدر ، وقد ذكر النقاش أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم فسّر العتلّ بنحو هذا ، وهذه الصفات كثيرة التّلازم ، والزّنيم في كلام العرب : الملصق في القوم وليس منهم ؛ ومنه قول حسّان : [الطويل]
وأنت زنيم نيط في آل هاشم |
|
كما نيط خلف الراكب القدح الفرد |
فقال كثير من المفسرين : هو الأخنس بن شريق ، وقال ابن عبّاس : أراد بالزنيم ؛ أنّ له زنمة في عنقه (٣) ، وكان الأخنس بهذه الصفة ، وقيل : الزّنيم : المريب القبيح الأفعال.
(سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ)(٣٢)
وقوله : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) معناه : على الأنف. قال ابن عبّاس : هو الضّرب
__________________
(١) زنمة الشاة : هنة معلقة في حلقها تحت لحيتها ، وخص بعضهم به العنز.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٤٧)
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ١٨٦) ، برقم : (٣٤٦١٤) ، وذكره البغوي (٤ / ٣٧٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٤٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٩٤) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.