عبيدة ، ويقوّي هذا قوله تعالى : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) [الشمس : ١١] وأولى الأقوال وأصوبها الأوّل ، وباقي / الآية تقدم تفسير نظيره ، وما في ذلك من القصص ، والعاتية : معناه الشديدة المخالفة ، فكانت الريح قد عتت على خزّانها بخلافها ، وعلى قوم عاد بشدتها ، وروي عن عليّ وابن عبّاس أنهما قالا : لم ينزل من السماء قطرة ماء قط إلا بمكيال على يد ملك ، ولا هبت ريح إلّا كذلك ؛ إلّا ما كان من طوفان نوح ، وريح عاد ، فإنّ الله أذن لهما في الخروج دون إذن الخزّان (١) ، و (حُسُوماً) : قال ابن عبّاس وغيره : معناه كاملة تباعا لم يتخللها غير ذلك (٢) ، وقال ابن زيد : (حُسُوماً) جمع حاسم ، ومعناه أنّ تلك الأيام قطعتهم بالإهلاك (٣) ، ومنه حسم العلل ، ومنه الحسام ، والضمير في قوله : (فِيها صَرْعى) يحتمل عوده على الليالي والأيام ، ويحتمل عوده على ديارهم ، وقيل : على الريح ، ـ ص ـ : «ومن قبله» النحويان وعاصم في رواية ـ بكسر القاف وفتح الباء ـ أي : أجناده وأهل طاعته ، وقرأ الباقون (٤) : «قبله» ظرف زمان ، انتهى.
وقوله : (بِالْخاطِئَةِ) صفة لمحذوف ، أي : بالفعلة الخاطئة ، وال «رابية» الناميّة التي قد عظمت جدّا ، ومنه ربا المال ، ومنه (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) [الحج : ٥] ، ثم عدد تعالى على الناس نعمه في قوله : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) يعني في وقت الطوفان الذي كان على قوم نوح ، و (الْجارِيَةِ) سفينة نوح ؛ قاله منذر بن سعيد (٥) ، والضمير في : (لِنَجْعَلَها) عائد على الجارية أو على الفعلة.
وقوله تعالى : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) : عبارة عن الرجل الفهم المنوّر القلب الذي يسمع القرآن ؛ فيتلقاه بفهم وتدبّر ، قال أبو عمران الجوني : (واعِيَةٌ) عقلت عن الله تعالى ، وقال الثعلبيّ : المعنى : لتحفظها كلّ أذن فتكون عظة لمن يأتي بعد ، تقول وعيت العلم إذا
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨) ، رقم : (٣٤٧٢٧) ، (٣٤٧٢٨) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٥٧) ، وذكره ابن كثير (٤ / ٤١٣) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٠٥) ، وعزاه للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن ابن عبّاس.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٠٨) ، رقم : (٣٤٧٣٢) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٥٧) ، وذكره ابن كثير (٤ / ٤١٢) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٠٦) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير عن ابن عبّاس.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٠٩) ، رقم : (٣٤٧٤٥) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٥٧)
(٤) ينظر : «السبعة» (٦٤٨) ، و «الحجة» (٦ / ٣١٤) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٣٨٥) ، و «حجة القراءات» (٧١٨) ، و «معاني القراءات» (٨٦) ، و «العنوان» (١٩٦) ، و «شرح شعلة» (٦٠٦) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٦٦) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٥٧)
(٥) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٥٨)