والمضطجع بفيه من شجرتها ، و (بِما أَسْلَفْتُمْ) معناه بما قدّمتم من الأعمال الصالحة ، و (الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) هي أيام الدنيا ، لأنها في الآخرة قد خلت وذهبت ، وقال وكيع وغيره : المراد (بِما أَسْلَفْتُمْ) من الصوم (١) ، وعموم الآية في كلّ الأعمال أولى وأحسن ، * ت* : ويدلّ على ذلك الآية الأخرى (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [المرسلات : ٤٣] قال ابن المبارك في «رقائقه» : أخبرنا مالك بن مغول أنّه بلغه أنّ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ؛ فإنّه أهون أو أيسر لحسابكم ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتجهّزوا للعرض الأكبر (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) قال ابن المبارك : أخبرنا معمر عن يحيى بن المختار ، عن الحسن قال : إن المؤمن قوّام على نفسه ، يحاسب نفسه لله ، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا ، وإنّما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر عن غير محاسبة (٢) ، انتهى ، والذين يؤتون كتبهم بشمائلهم هم المخلّدون / في النار أهل الكفر ، فيتمنّون أن لو كانوا معدومين.
وقوله : (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) إشارة إلى موتة الدنيا ، أي : ليتها لم يكن بعدها رجوع ، ـ ص ـ : (ما أَغْنى) «ما» نافية أو استفهامية انتهى ، والسلطان في الآية الحجة ، وقيل : إنه ينطق بذلك ملوك الدنيا ، والظاهر أنّ سلطان كلّ أحد حاله في الدنيا من عدد وعدد ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم «لا يؤمّنّ الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يجلس على تكرمته إلّا بإذنه» (٣).
(خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ)(٣٣)
وقوله سبحانه : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) الآية ، المعنى يقول الله تعالى ، أو الملك بأمره
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٠)
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤١٢) ، وعزاه لابن المنذر عن ابن جريج.
(٣) أخرجه مسلم ، كتاب «المساجد» باب : من أحق بالإمامة ، حديث (٢٩٠ ـ ٢٩١) ، وأبو داود (١ / ٢١٥) ، كتاب «الصلاة» باب : في من أحق بالإمامة (٥٨٢) ، والترمذي (١ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩) ، كتاب «المواقيت» باب : من أحق بالإمامة (٢٣٠) ، والنسائي (٢ / ٧٦) ، كتاب «الإمامة» باب : من أحق بالإمامة (٧٨٠) ، (٢ / ٧٧) ، كتاب «الإمامة» باب : اجتماع القوم وفيهم الوالي (٧٨٣) ، وابن ماجه (١ / ٣١٣ ، ٣١٤) ، كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها» باب : من أحق بالإمامة (٩٨٠) ، وأحمد (٤ / ١١٨ ، ١٢١ ـ ١٢٢) ، (٥ / ٢٧٢) ، وهو في الترمذي أيضا (٥ / ٩٩) ، كتاب «الأدب» باب : (٢٤) (٢٧٧٢).
قال الترمذي : حسن صحيح.