و (وَدًّا) وما عطف عليه أسماء أصنام ، وروى البخاريّ وغيره عن ابن عبّاس : أنّها كانت أسماء رجال صالحين ، من قوم نوح فلمّا هلكوا ؛ أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسمّوها بأسمائهم ، ففعلوا (١) ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت ، قال ابن عبّاس : ثم صارت هذه الأوثان التي في قوم نوح في العرب بعد (٢) ، انتهى.
وقوله : (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً) هو إخبار نوح عن الأشراف ، ثم دعا الله عليهم ألّا يزيدهم إلا ضلالا ، وقال الحسن : أراد بقوله : (وَقَدْ / أَضَلُّوا) الأصنام المذكورة (٣).
(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً)(٢٨)
وقوله تعالى : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) ابتداء إخبار من الله تعالى لمحمّد ـ عليهالسلام ـ و «ما» في قوله : (مِمَّا) : زائدة فكأنه قال : من خطيئاتهم ، وهي لابتداء الغاية ، ـ ص ـ : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) من للسبب ، * ع (٤) * : لابتداء الغاية و «ما» زائدة للتوكيد ، انتهى ، (فَأُدْخِلُوا ناراً) يعني جهنّم ، وقول نوح : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) قال قتادة وغيره : لم يدع نوح بهذه الدعوة إلّا من بعد أن أوحي إليه (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) (٥) [هود : ٣٦] و (دَيَّاراً) أصله : ديوار من الدّوران ، أي : من يجيء ويذهب.
وقوله : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) قال ابن عبّاس : لم يكفر لنوح أب ما بينه وبين آدم عليهالسلام (٦) ، وقرأ أبيّ بن كعب (٧) : «ولأبويّ» ، وبيته المسجد ؛ فيما قاله ابن
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٥٤) ، رقم : (٣٥٠٣١) بنحوه ، وذكره ابن كثير (٤ / ٤٢٦)
(٢) ذكره البغوي (٤ / ٣٩٩) ، وابن كثير (٤ / ٤٢٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٢٧) ، وعزاه للبخاري ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن ابن عبّاس.
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٧٦)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٧٦)
(٥) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٧٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٢٨) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر.
(٦) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٧٧)
(٧) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٧٧)