البصريين : قوله : (أَوْ يَزِيدُونَ) المعنى : على نظر البشر وحزرهم ، أي : من رآهم قال : مائة ألف أو يزيدون ، وروى أبيّ بن كعب عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّهم كانوا مائة وعشرين ألفا. * ت* : وعبارة أحمد بن نصر الدّاوودي : وعن أبي بن كعب قال : سألت النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن الزيادتين : (الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] ، (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) قال يزيدون عشرين ألفا ، وأحسبه قال : الحسنى : الجنة ، «والزيادة» النظر إلى وجه الله ـ عزوجل (١) ـ ، انتهى ، وفي قوله : (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) مثال لقريش إن آمنوا ، ومن هنا حسن انتقال القول والمحاورة إليهم بقوله : (فَاسْتَفْتِهِمْ) ؛ فإنما يعود على ضميرهم ، على ما في المعنى من ذكرهم ، والاستفتاء : السؤال ؛ وهو هنا بمعنى التّقريع والتّوبيخ في جعلهم البنات لله ، تعالى الله عن قولهم ، ثم أخبر [الله] تعالى عن فرقة منهم بلغ بها الإفك والكذب إلى أن قالت : ولد الله الملائكة ؛ لأنّه نكح في سروات الجنّ ، تعالى الله عن قولهم ، وهذه فرقة ، من بني مدلج فيما روي ، وقرأ الجمهور (٢) : «أصطفى البنات» بهمزة الاستفهام على جهة التّقريع (٣) والتوبيخ.
(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ)(١٦٠)
وقوله تعالى : (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) الجنّة هنا : قيل : هم الملائكة : لأنها مستجنّة ، أي : مستترة ، وقيل : الجنّة هم الشياطين ، والضمير في (جَعَلُوا) لفرقة من كفار قريش والعرب ، (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) أي : ستحضر أمر الله وثوابه وعقابه ، ثم نزّه ـ تعالى ـ نفسه عما يصفه الكفرة ، ومن هذا استثنى عباده المخلصين ؛ لأنّهم يصفونه بصفاته العلا ، وقالت فرقة : استثناهم من قوله : (لَمُحْضَرُونَ) وعبارة الثعلبي :
__________________
(١) ورد سؤال أبيّ بن كعب عن قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) فقال : يزيدون عشرون ألفا ، وذلك في حديث : أخرجه الترمذي (٥ / ٣٦٥) كتاب «تفسير القرآن» باب : ومن سورة الصافات برقم : (٣٢٢٩).
قال الترمذي : هذا حديث غريب.
أما الزيادة الثانية ، وهي التي في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) فالحديث : أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٥٥١) برقم : (١٧٦٤٨) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٤٧) تفسير سورة يونس : آية رقم (٢٦) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم ، والدارقطني ، وابن مردويه واللالكائي ، والبيهقي في كتاب «الرؤية» عن أبيّ بن كعب أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٨٨) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٣٦١) ، و «الدر المصون» (٥ / ٥١٤)
(٣) في د : التقرير.