الإسلام ، فمن عرف الله صغر لديه كلّ شيء ، ومن أحبّ الله هان عليه كلّ شيء ، ومن وحّد الله ، لم يشرك به شيئا ، ومن آمن بالله أمن من كلّ شيء ، ومن أسلم لله قلّما يعصيه ، وإن عصاه ، اعتذر إليه ، وإذا اعتذر إليه ، قبل عذره ، قال : ففهمت حينئذ معنى قوله عزوجل : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) انتهى من «التنوير» لابن عطاء الله.
(وَالرُّجْزَ) يعني الأصنام والأوثان ، وقال ابن عبّاس : الرّجز السّخط (١) يعني : اهجر ما يؤدي إليه ويوجبه ، واختلف في معنى قوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) فقال ابن عبّاس وجماعة : معناه لا تعط عطاء لتعطى أكثر منه (٢) ، فكأنه من قولهم : منّ إذا أعطى ، قال الضحاك : وهذا خاصّ بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ومباح لأمّته ، لكن لا أجر لهم فيه (٣) ، وقال الحسن بن أبي الحسن : معناه ولا تمنن على الله بجدّك ، تستكثر أعمالك ، ويقع لك بها إعجاب (٤) ، قال* ع (٥) * : وهذا من المنّ الذي هو تعديد اليد وذكرها ، وقال مجاهد : معناه ولا تضعف تستكثر ما حمّلناك من أعباء الرسالة ، وتستكثر من الخير ؛ وهذا من قولهم حبل منين أي : ضعيف (٦).
(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)(١٠)
(وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) أي لوجه ربّك وطلب رضاه فاصبر على أذى الكفار ، وعلى العبادة وعن الشهوات وعلى تكاليف النبوّة ، قال ابن زيد : وعلى حرب الأحمر ، والأسود (٧) ، ولقد حمّل أمرا عظيما صلىاللهعليهوسلم ، والناقور : الذي ينفخ فيه ، وهو الصور ؛ قاله ابن عبّاس
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٠٠) ، رقم : (٣٥٣٣٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٩٣)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٠١) ، رقم : (٣٥٣٤٦) عن ابن عبّاس ، وغيره رقم : (٣٥٣٤٧) ، (٣٥٣٤٨) ، (٣٥٣٤٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٩٣) ، وابن كثير (٤ / ٤٤١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٢) ، وعزاه للطبراني.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٠٢) ، رقم : (٣٥٣٦٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٤١٤) ، وابن عطية (٥ / ٣٩٣) ، وابن كثير (٤ / ٤٤١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٢) ، وعزاه لعبد بن حميد.
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٠٢) ، رقم : (٣٥٣٦٣) ، (٣٥٣٦٤) ، وذكره البغوي (٤ / ٤١٤) ، وابن عطية (٥ / ٣٩٣)
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٩٣)
(٦) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٠٣) ، رقم : (٣٥٣٦٧) ، وذكره البغوي (٤ / ٤١٤) ، وابن عطية (٥ / ٣٩٣) ، وابن كثير (٤ / ٤٤١). والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٢) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر.
(٧) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٠٣) ، رقم : (٣٥٣٧٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٩٣)