(يَتَمَطَّى) فإنّها كانت مشيته ، وقوله : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) تقديره : فلم يصدّق ولم يصلّ ف «لا» في الآية : نفي لا عاطفة.
ـ ص ـ : (فَلا صَدَّقَ) فيه دليل على أنّ «لا» تدخل على الماضي فتنفيه ؛ كقول الراجز : [من الرجز]
إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا |
|
وأيّ عبد لك لا ألمّا (١) |
انتهى.
و (صَدَّقَ) معناه : برسالة الله ودينه ، وذهب قوم إلى أنّه من الصدقة ، والأول أصوب و (يَتَمَطَّى) معناه : يمشي المطيطاء ، وهي مشية بتبختر ، وهي مؤخوذة من المطا وهو الظهر ؛ لأنّه يتثنى فيها ، زاد ـ ص ـ : وقيل : أصله يتمطط ، أي : يتمدد في مشيه ومدّ منكبيه ، انتهى.
(أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (٣٧) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (٣٨) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣٩) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى)(٤٠)
وقوله : (أَوْلى لَكَ) : وعيد.
(فَأَوْلى) وعيد ثان ، وكرّر ذلك ؛ تأكيدا ، ومعنى (أَوْلى لَكَ) الازدجار والانتهار ، والعرب تستعمل هذه الكلمة زجرا ؛ ومنه فأولى لهم طاعة ، ويروى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم لبّب أبا جهل يوما في البطحاء وقال له : «إنّ الله يقول لك (أَوْلى لَكَ فَأَوْلى)» فنزل القرآن على نحوها (٢) ؛ وفي شعر الخنساء : [المتقارب]
__________________
(١) لأبي خراش في «الأزهية» ص : (١٥٨) ، و «خزانة الأدب» (٧ / ١٩٠) ، و «شرح أشعار الهذليين» (٣ / ١٣٤٦) ، و «شرح شواهد المغني» ص : (٦٢٥) ، و «لسان العرب» (١٢ / ١٠٤) (جمم) ، و «المقاصد النحويّة» (٤ / ٢١٦) ، ولأمية بن أبي الصلت في «الأغاني» (٤ / ١٣١ ، ١٣٥) ، و «خزانة الأدب» (٤ / ٤) ، و «لسان العرب» (١٢ / ٥٥٣) (لمم) ، ولأمية أو لأبي خراش في «خزانة الأدب» (٢ / ٢٩٥) ، و «لسان العرب» (١٢ / ٥٤٩) (لمم) ، وبلا نسبة في «الإنصاف» ص : (٧٦) ، و «جمهرة اللغة» ص : (٩٢) ، و «الجنى الداني» ص : (٢٩٨) ، و «لسان العرب» (١٥ / ٤٦٧) (لا) ؛ و «مغني اللبيب» (١ / ٢٤٤)
(٢) أخرجه النسائي في «الكبرى» (٦ / ٥٠٤) ، كتاب «التفسير» باب : قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (١١٦٣٨ / ٢) ، والحاكم (٢ / ٥١٠) ، وابن جرير في «تفسيره» (١٢ / ٣٥١) (٣٥٧٣٤) نحوه ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٧٩) ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، والطبراني.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.