والباطل والحلال والحرام (١) ، وقيل : هي آيات القرآن ، وأمّا الملقيات ذكرا فهي في قول الجمهور الملائكة ، وقال آخرون : هي الرسل ، والذكر : الكتب المنزّلة والشرائع ومضمناتها ، والمعنى : أنّ الذكر يلقى بإعذار وإنذار.
(إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(١٥)
وقوله تعالى : (إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) هو الجواب الذي وقع عليه القسم ، والإشارة إلى البعث وأحوال القيامة ، والطّمس محو الأثر ، فطمس النجوم : ذهاب ضوءها ، وفرج السماء : هو بانفطارها وانشقاقها.
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) أي : جمعت لميقات يوم معلوم ، وقرأ أبو عمرو وحده (٢) : «وقّتت» والواو هي الأصل ؛ لأنّها من الوقت ، والهمزة بدل ؛ قال الفرّاء : كل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة ، جاز أن تبدل منها همزة ، انتهى.
وقوله تعالى : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) تعجيب وتوقيف على عظم ذلك اليوم وهوله ، ثم فسر ذلك بقوله : (لِيَوْمِ الْفَصْلِ) يعني : بين الخلق في منازعتهم وحسابهم ومنازلهم من جنة أو نار ، ومن هذه الآية انتزع القضاة الآجال في الحكومات ؛ ليقع فصل القضاء عند تمامها ، ثم عظّم تعالى يوم الفصل بقوله : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) على نحو قوله : (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة : ٣] وغير ذلك ، ثم أثبت الويل للمكذّبين ، والويل : هو الحرب والحزن على نوائب تحدث بالمرء ، ويروى أنّه واد في جهنم.
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨) انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٨١) ، رقم : (٣٥٩٢٥) بنحوه ، وذكره البغوي (٤ / ٤٣٢) ، وابن عطية (٥ / ٤١٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٩٢) ، وعزاه لابن المنذر عن ابن عبّاس.
(٢) ينظر : «السبعة» (٦٦٦) ، و «الحجة» (٦ / ٣٦٤) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٤٢٨) ، و «معاني القراءات» (٣ / ١١٢) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٩٢) ، و «العنوان» (٢٠٢) ، و «حجة القراءات» (٧٤٢) ، و «شرح شعلة» (٦١٧) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٨٠)