م خاطب تعالى نبيه* ع* بقوله : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ...) الآية ، وهذا في موطن خاص إذ يوم القيامة هو مواطن.
(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٤٥)
وقوله تعالى : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ ...) مخاطبة للكفار يومئذ ، ثم وقفهم بقوله : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) أي : إن كان لكم حيلة أو مكيدة تنجيكم فافعلوها ، ثم ذكر سبحانه حالة المتقين وما أعدّ لهم ، والظلال في الجنة : عبارة عن / تكاثف الأشجار وجودة المباني وإلّا فلا شمس تؤذي هناك حتى يكون ظل يجير من حرّها.
(كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٧) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)(٥٠)
وقوله تعالى : (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا) استئناف خطاب لقريش على معنى : قل لهم يا محمّد ، وهذه صيغة أمر معناها التهديد والوعيد ، ومن جعل هذه الآية مدنية قال هي في المنافقين.
وقوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) قال قتادة والجمهور (١) ، هذه حال كفار قريش في الدنيا ؛ يدعوهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم فلا يجيبون ، وذكر الركوع عبارة عن جميع الصلاة ، وقيل : هي حكاية حال المنافقين في الآخرة يوم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون ؛ على ما تقدّم ؛ قاله ابن عبّاس وغيره (٢).
وقوله تعالى : (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) يؤيد أن الآية كلّها في قريش ، والمراد بالحديث هنا : القرآن ، وروي عن يعقوب (٣) أنه قرأ : «تؤمنون» بالتاء من فوق على المواجهة ، ورويت عن ابن عامر.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٢١)
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ورويت عن ابن عامر.
ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٦٧) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٢٢)