(فَالسَّابِقاتِ) ، فقيل هي الملائكة ، وقيل : الرياح (١) ، وقيل : الخيل ، وقيل : النّجوم ، وقيل : المنايا تسبق الآمال ، وأما (فَالْمُدَبِّراتِ) فهي الملائكة قولا واحدا فيما علمت ، تدبّر الأمور التي سخّرها الله لها وصرّفها فيها ؛ كالرياح والسحاب ، وغير ذلك ، و (الرَّاجِفَةُ) النفخة الأولى ، و (الرَّادِفَةُ) النفخة الأخيرة ، وقال ابن زيد : (الرَّاجِفَةُ) : الموت ، و (الرَّادِفَةُ) : الساعة (٢) ، وفي «جامع الترمذي» عن أبيّ بن كعب قال : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إذا ذهب ثلثا اللّيل قام ، فقال : يا أيّها النّاس ، اذكروا الله ، اذكروا الله ، جاءت الرّاجفة ، تتبعها الرّادفة ، جاء الموت بما فيه ، [جاء الموت بما فيه]» الحديث (٣) ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن ، انتهى ، وقد أتى به* ع (٤) * هنا وقال : إذا ذهب ربع الليل ، والصواب ما تقدّم ، ثم أخبر تعالى عن قلوب تجف [في] ذلك اليوم ، أي : ترتعد خوفا وفرقا من العذاب ، واختلف في جواب القسم : أين هو؟ فقال الزجاج والفراء : هو محذوف دلّ عليه الظاهر تقديره : لتبعثنّ ونحوه ، وقال آخرون : هو موجود في جملة قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ* قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) كأنه قال لتجفنّ قلوب قوم يوم كذا.
(يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦) أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها)(٢٩)
وقوله تعالى : (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) حكاية حالهم في الدنيا ، والمعنى : هم الذين يقولون ، و (الْحافِرَةِ) : قال مجاهد والخليل : هي الأرض ، حافرة بمعنى محفورة ، والمراد : القبور والمعنى : أإنا لمردودون أحياء في قبورنا؟ ، وقيل غير
__________________
(١) في د : وهي الرياح.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٢٥) (٣٦٢٠٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٣١)
(٣) أخرجه الترمذي (٤ / ٦٣٦ ـ ٦٣٧) ، كتاب «صفة القيامة» باب : (٢٣) (٢٤٥٧) ، (٢ / ٤٢١) ، وأحمد (٥ / ١٣٦) ، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (١ / ٢٥٦).
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٣١)