هذا (١) ، و (نَخِرَةً) معناه بالية ، وقرأ حمزة «ناخرة» بألف (٢) ، والنّاخرة المصوّتة بالريح المجوّفة ، وحكي عن أبي عبيدة وغيره : أن الناخرة والنّخرة بمعنى واحد (٣) ، وقولهم : (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) أي : إذ هي إلى النار لتكذيبهم بالبعث ، وقال الحسن : (خاسِرَةٌ) معناه عندهم كاذبة ، أي : ليست بكائنة (٤) ، ثم أخبر تعالى عن حال القيامة فقال : «إنما هي زجرة واحدة» أي : نفخة في الصور ، (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) وهي أرض المحشر.
وقوله : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) استدعاء حسن ، والتزكّي : التّطهر من النقائص ، والتلبّس بالفضائل ، ثم فسّر له موسى التزكّي الذي دعاه إليه / بقوله : (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) والعلم تابع للهدى ، والخشية تابعة للعلم ، (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] و (الْآيَةَ الْكُبْرى) العصا واليد ؛ قاله مجاهد وغيره (٥) : و (أَدْبَرَ) : كناية عن إعراضه ، وقيل : حقيقة قام مولّيا عن مجالسة موسى ، (فَحَشَرَ) أي : جمع أهل مملكته ، وقول فرعون : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) نهاية في السّخافة والمخرقة ، قال ابن زيد : (نَكالَ الْآخِرَةِ) أي : الدار الآخرة ، (وَالْأُولى) : يعني : الدنيا ، أخذه الله بعذاب جهنّم وبالغرق ، وقيل غير هذا (٦) ، ثم وقفهم سبحانه مخاطبة منه تعالى للعالم ؛ والمقصد الكفار فقال : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً ...) الآية ، والسّمك : الارتفاع ، الثعلبي : والمعنى : أأنتم أيها المنكرون للبعث أشد خلقا أم السّماء أشد خلقا ، ثم بيّن كيف خلقها ، أي : فالذي قدر على خلقها قادر على إحيائكم بعد الموت ، نظيره : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [يس : ٨١] الآية ، انتهى ، و (أَغْطَشَ) معناه : أظلم.
(وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣) فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى)(٣٦)
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٢٧) (٣٦٢٢٢) عن مجاهد ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٣٢)
(٢) وهي قراءة عاصم في رواية أبي بكر.
ينظر : «السبعة» (٦٧٠ ـ ٦٧١) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٤٣٥) ، وزاد نسبتها إلى الكسائيّ ، و «معاني القراءات» (٣ / ١١٩) ، و «حجة القراءات» (٧٤٨) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٩٧) ، و «شرح شعلة» (٦١٨) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٨٥)
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٣٢)
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٣٢) (٣٦٢٥٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٣٣)
(٦) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٣٤) (٣٦٢٧٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٣٤)