(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ)(٢٢)
وقوله تعالى : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) : دعاء على اسم الجنس ، وهو عموم يراد به الإنسان الكافر ، ومعنى (قُتِلَ) : أي : هو أهل أن يدعى عليه بهذا ، وقال مجاهد : (قُتِلَ) معناه : لعن وهذا تحكّم* ت* : ليس بتحكم وقد تقدم نحوه عن غير واحد (١).
وقوله تعالى : (ما أَكْفَرَهُ) يحتمل معنى التعجب ، ويحتمل الاستفهام توبيخا ، وقيل : الآية نزلت في عتبة بن أبي لهب ، وذلك أنّه غاضب أباه فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم فأسلم ثم إن أباه استصلحه وأعطاه مالا وجهّزه إلى الشام ، فبعث عتبة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : إنّي كافر بربّ النّجم إذا هوى فدعا عليه النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : «اللهمّ ابعث عليه كلبك حتّى يأكله» ، ثم إن عتبة خرج في سفرة / فجاء الأسد فأكله من بين الرفقة.
وقوله تعالى : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) استفهام على معنى التقرير على تفاهة الشيء الذي خلق الإنسان منه ، (فَقَدَّرَهُ) أي جعله بقدر وحدّ معلوم ، (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) قال ابن عبّاس وغيره : هي سبيل الخروج من بطن أمّه (٢) ، وقال الحسن ، ما معناه أن السبيل هي سبيل النظر المؤدّي إلى الإيمان (٣).
وقوله (فَأَقْبَرَهُ) معناه : أمر أن يجعل له قبر ، وفي ذلك تكريم له ؛ لئلا يطرح كسائر الحيوان.
وقوله تعالى : (ثُمَّ إِذا شاءَ) يريد : إذا بلغ الوقت الذي قد شاءه ؛ وهو يوم القيامة ، و (أَنْشَرَهُ) معناه : أحياه.
(كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٢) فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ)(٣٣)
وقوله تعالى : (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ) أي لم يقض ما أمره ، ثم أمر الله تعالى الإنسان
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٤٦) (٣٦٣٣٥) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٣٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٠) ، وعزاه لابن المنذر عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٤٧) ، برقم : (٣٦٣٣٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٣٨) ، وابن كثير (٤ / ٤٧٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢١) ، وعزاه للعوفي عن ابن عبّاس.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٤٨) ، رقم : (٣٦٣٤٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٣٨)