من ساجور الكلب ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : «سجرت» بتخفيف (١) الجيم ، والباقون بتشديدها ، وتزويج النفوس : هو تنويعها ؛ لأن الأزواج هي الأنواع ، والمعنى : جعل الكافر مع الكافر والمؤمن مع المؤمن ، وكلّ شكل مع شكله ؛ رواه النعمان بن بشير عن النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ وقاله عمر بن الخطاب وابن عبّاس (٢) ؛ وقال : هذا نظير قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) [الواقعة : ٧] وفي الآية على هذا حضّ على خليل الخير ، فقد قال ـ عليهالسلام ـ : «المرء مع من أحبّ» ، وقال : «فلينظر أحدكم من يخالل» ، وعبارة الثعلبيّ : قال النعمان بن بشير : قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) ، قال الضّرباء : كلّ رجل مع كلّ قوم كانوا يعملون عمله ، انتهى ، وقال مقاتل بن سليمان معناه : زوجت نفوس المؤمنين بزوجاتهنّ من الحور ، وغيرهنّ (٣).
وقوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) الموءودة اسم معناه المثقل عليها بالتّراب ، وغيره حتى تموت ؛ وكان هذا صنيع بعض العرب ببناتهم يدفنونهن أحياء ، وقرأ الجمهور (٤) : «سئلت» وهذا على جهة التوبيخ للعرب الفاعلين ذلك ؛ واستدلّ ابن عبّاس بهذه الآية على (٥) أنّ أولاد المشركين في الجنّة ، لأنّ الله قد انتصر لهم ممّن ظلمهم (٦).
__________________
(١) وحجتهما قوله سبحانه : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [الطور : ٦] ولم يقل المسجّر. وحجة الباقين قوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ) ولو كان واحدا لكان تخفيفا ، والعرب تقول : سجرت التنور ، وسجّرت التنانير.
ينظر : «حجة القراءات» (٧٥٠) ، و «السبعة» (٦٧٣) ، و «الحجة» (٦ / ٣٧٩) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٤٤٤) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ١٠١) ، و «معاني القراءات» (٣ / ١٢٣) ، و «العنوان» (٢٠٤) ، و «شرح شعلة» (٦١٩) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٩١)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٦٢) عن عمر برقم : (٣٦٤٤٩) ، وعن ابن عبّاس برقم : (٣٦٤٥٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٥٢) ، وابن عطية (٥ / ٤٤٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن مردويه.
(٣) ذكره البغوي (٤ / ٤٥٢) ، وابن عطية (٥ / ٤٤٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٨) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر عن الكلبي بنحوه.
(٤) وقرأ ابن عبّاس ، وأبي ، وجابر بن زيد ، وأبو الضحى ، ومجاهد ، وجماعة منهم : ابن مسعود ، والربيع بن خيثم «سألت».
ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٦٩) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٤٢) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥) ، و «الدر المصون» (٦ / ٤٨٦)
(٥) في د : في.
(٦) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٤٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٧)