(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ) قيل : هي صحف الأعمال ، وقيل : هي الصحف التي تتطاير بالأيمان والشمائل ، والكشط : التقشير وذلك كما يكشط جلد الشاة حين تسلخ ، وكشط السّماء هو طيّها / كطيّ السّجلّ ، و (سُعِّرَتْ) معناه : أضرمت (١) نارها ، وأزلفت الجنة معناه : قرّبت ليدخلها المؤمنون ، قال الثعلبي : قرّبت لأهلها حتى يرونها ، نظيره ، (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) [ق : ٣١]. (عَلِمَتْ نَفْسٌ) عند ذلك (ما أَحْضَرَتْ) من خير أو شر ؛ وهو جواب لقوله (إِذَا الشَّمْسُ) وما بعدها ، انتهى.
(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)(٢٣)
وقوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) لا إمّا زائدة وإما أن تكون ردّا لقول قريش في تكذيبهم نبوة نبينا محمّد* ع* ، ثمّ أقسم تعالى بالخنّس الجوار الكنّس ، وهي في قول الجمهور : الدّراريّ السّبعة : الشمس والقمر وزحل وعطارد والمرّيخ والزّهرة والمشتري ، وقال عليّ : المراد الخمسة دون الشمس والقمر ؛ وذلك أنّ هذه الكواكب تخنس في جريها أي : تتقهقر فيما ترى العين ، وهي جوار في السماء ، وهي تكنس في أبراجها أي : تستتر (٢) ، الثعلبي : وقال ابن زيد تخنس ؛ أي : تتأخّر عن مطالعها كلّ سنة ، وتكنس بالنّهار ، أي : تستتر فلا ترى ، انتهى (٣) ، وعسعس الليل في اللغة إذا كان غير مستحكم الإظلام ، قال الخليل : عسعس الليل : إذا أقبل وأدبر ، وقال الحسن : وقع القسم بإقباله (٤) ، وقال ابن عبّاس وغيره : بل وقع بإدباره (٥) ، وقال المبرد : أقسم بإقباله وإدباره (٦)
__________________
(١) في د : ضرمت.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٦٧) (٣٦٤٨٤) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٥٣) ، وابن عطية (٥ / ٤٤٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٨) ، وعزاه لسعيد بن منصور والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه من طرق عن علي رضي الله عنه.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٦٧) (٣٦٤٨٧). والبغوي (٤ / ٤٥٣)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٧٠) (٣٦٥١٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٥٣) ، وابن عطية (٥ / ٤٤٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٩) بنحوه.
(٥) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٦٩) ، (٣٦٥٠٢) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٤٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٣٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عبّاس.
(٦) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٤٤)