وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا) يعني في الدنيا ، (يَضْحَكُونَ) من المؤمنين ، روي أن هذه الآية نزلت في صناديد قريش وضعفة المؤمنين ، والضمير في (مَرُّوا) للمؤمنين ويحتمل أن يكون للكفار ، وأما ضمير (يَتَغامَزُونَ) فهو للكفار ؛ لا يحتمل غير ذلك ، و (فَكِهِينَ) أي : أصحاب فكاهة / ونشاط وسرور باستخفافهم بالمؤمنين ، وأما الضمير في (رَأَوْهُمْ) وفي (قالُوا) فقال الطبريّ (١) وغيره : هو للكفار ، وقال بعضهم : بل المعنى بالعكس ، وإنما المعنى وإذا رأى المؤمنون الكفّار قالوا : (إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) ، وما أرسل المؤمنون حافظين على الكفّار ، وهذا كلّه منسوخ على هذا التأويل ، * ت* : والأول أظهر.
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ)(٣٦)
وقوله تعالى : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) أي : إلى أعدائهم في النار ، قال كعب : لأهل الجنة كوى ينظرون منها (٢) ، وقال غيره : بينهم جسم عظيم شفّاف يرون معه حالهم ، * ت* : قال الهرويّ : قوله تعالى : (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) ، قال أحمد بن يحيى : الأريكة : السرير في الحجلة ولا يسمّى منفردا أريكة ، وسمعت الأزهريّ يقول : كل ما اتّكئ عليه فهو أريكة ، انتهى ، (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) أي : جزاء ما كانوا يفعلون ، و (هَلْ ثُوِّبَ) تقرير وتوقيف للنبي صلىاللهعليهوسلم وأمّته.
__________________
(١) ينظر : «تفسير الطبري» (١٢ / ٥٠٢)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٠٢) ، (٣٦٧١١) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٤٦٢) ، وابن عطية (٥ / ٤٥٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٥٤٥) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة عن كعب.