هو الجواب فهو خبر انتهى ، وصاحب الأخدود : مذكور في السّير وغيرها وحديثه في مسلم مطوّل وهو ملك دعا المؤمنين بالله إلى الرجوع عن دينهم إلى دينه ، وخدّ لهم في الأرض أخاديد طويلة ؛ وأضرم لهم نارا وجعل يطرح فيها من لم يرجع عن دينه ؛ حتى جاءت امرأة معها صبيّ فتقاعست ؛ فقال لها الطفل : يا أمّه ؛ اصبري فإنّك على الحق ، فاقتحمت النار.
وقوله : (النَّارِ) بدل من الأخدود وهو بدل اشتمال ، قال* ع (١) * : وقال الربيع بن أنس وأبو إسحاق وأبو العالية : بعث الله على أولئك المؤمنين ريحا فقبضت أرواحهم أبو نحو هذا ، وخرجت النار فأحرقت الكافرين الذين كانوا على حافّتي الأخدود ؛ وعلى هذا يجيء (قُتِلَ) خبرا لا دعاء (٢).
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ)(١٢)
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ...) الآية ، فتنوهم ، أي : أحرقوهم ، * ت* : قال الهروي : قوله تعالى : (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) أي : لهم / عذاب لكفرهم وعذاب بإحراقهم المؤمنين ، انتهى ، قال* ع (٣) * : ومن قال : إنّ هذه الآيات الأواخر في قريش جعل الفتنة الامتحان والتعذيب ، ويقوّي هذا التأويل بعض التقوية قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) ، لأنّ هذا اللفظ في قريش أشبه منه في أولئك ، والبطش : الأخذ بقوة.
(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ)(٢٢)
وقوله : (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) قال الضحاك وابن زيد : معناه : يبدىء الخلق بالإنشاء ، ويعيدهم بالحشر (٤) ، وقال ابن عبّاس ما معناه : إنّ ذلك عامّ في جميع الأشياء ،
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٦٢)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٢٥) ، (٣٦٨٧٥) عن الربيع بن أنس ، وذكره البغوي (٤ / ٤٧٠) ، وابن عطية (٥ / ٤٦٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٩٦)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٦٢)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٢٨) عن الضحاك ، برقم : (٣٦٨٨٥) ، وعن ابن زيد برقم : (٣٦٨٨٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٦٢)