مجاهد : هي القبيلة بعينها (١) ، وقال ابن إسحاق : إرم : هو أبو عاد كلّها (٢) ، وقال الجمهور : إرم : مدينة لهم عظيمة كانت على وجه الدّهر باليمن ، واختلف في قوله تعالى : (ذاتِ الْعِمادِ) فمن قال : إرم مدينة قال : العماد أعمدة الحجارة التي بنيت بها ، وقيل القصور العالية ، والأبراج يقال لها عماد ، ومن قال إرم قبيلة قال : العماد إما أعمدة بنيانهم ، وإما أعمدة بيوتهم التي يرحلون بها ؛ قاله جماعة والضمير في (مِثْلُها) يعود إما على المدينة وإما على القبيلة.
و (جابُوا الصَّخْرَ) معناه : خرقوه ونحتوه ، وكانوا في واديهم قد نحتوا بيوتهم في حجارة ، و (فِرْعَوْنَ) هو فرعون موسى ، واختلف في أوتاده فقيل : أبنيته العالية ، وقيل جنوده الذين بهم يثبّت ملكه ، وقيل / المراد أوتاد أخبية عساكره ، وذكرت لكثرتها ؛ قاله ابن عبّاس (٣) ، وقال مجاهد : كان يوتد الناس بأوتاد حديد ، يقتلهم بذلك : يضربها في أبدانهم حتّى تنفذ إلى الأرض (٤) ، وقيل : غير هذا ، والصبّ مستعمل في السوط وإنما خصّ السوط بأن يستعار للعذاب ؛ لأنه يقتضي من التّكرار والتّرداد ما لا يقتضيه السيف ، ولا غيره وقال بعض اللّغويين : السّوط هنا مصدر من ساط يسوط إذا خلط فكأنه قال خلط عذاب.
ـ ص ـ : قال ابن الأنباري : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) هو جواب القسم ، وقيل : محذوف ، وقيل : الجواب ، (هَلْ فِي ذلِكَ) و (هَلْ) بمعنى «إنّ» وليس بشيء ، انتهى ، والمرصاد والمرصد : موضع الرصد ، قاله بعض اللغويين ، أي : أنّه تعالى عند لسان كلّ قائل ومرصد لكلّ فاعل ، وإذا علم العبد أنّ مولاه له بالمرصاد ودامت مراقبته في الفؤاد ، حضره الخوف والحذر لا محالة ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) [البقرة : ٢٣٥] قال أبو حامد في «الإحياء» : وبحسب معرفة العبد بعيوب نفسه ، ومعرفته بجلال ربه وتعاليه واستغنائه ، وأنه لا يسأل عما يفعل ؛ تكون قوة خوفه ، فأخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه ، ولذا قال صلىاللهعليهوسلم : «أنا أخوفكم لله» ، ولذلك قال تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨] ثم إذا كملت المعرفة أورثت الخوف واحتراق القلب ، ثم
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٧٧)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٦٧) ، (٣٧١٣٠) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٨٢) ، وابن عطية (٥ / ٤٧٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٠٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٨٣) ، وعزاه لابن المنذر عن السدي.
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٧٨)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٧٠) ، (٣٧١٥٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٧٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٠٨) بنحوه.