(لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) يعني : الملأ الأعلى ، وهم الذين (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) [الأعراف : ٢٠٦] ، وإنّما وصفهم بأنّهم عنده لأتمارهم بأمره ، واتّحادهم بذكره ، ودوام مراقبتهم إيّاه ، مخلصين له الدين ، قاهرين بإذنه الملحدين ، بخلاف الأرواح الخبيثة الملابسة للأصنام والطواغيت ، يدلّ عليه قوله : (لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) [الزمر : ٤] ، ووجه الإنكار على اليهود والنصارى والمجوس ظاهر ، وعلى بني مليح من حيث إنّهم كانوا يسمّون الملائكة ، ويصفون الشياطين ، فكأنّ قولهم في الحقيقة عائد إلى الشياطين دون الملائكة.
١٨ ـ (فَيَدْمَغُهُ) : فيهلكه ، والدمغ : إصابة الدماغ ، ووصف عليّ رسول الله فقال : دامغ جيشات الأباطيل. (١)
١٩ ـ (يَسْتَحْسِرُونَ) : يحصرون ، وهو الإعياء والانقطاع.
٢٠ ـ (لا يَفْتُرُونَ) : لا يضعفون ولا يملّون.
٢١ ـ (أَمِ) : بمعنى ألف الاستفهام.
(يُنْشِرُونَ) : يخلقون ، وهذه قريبة من قوله : (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ) الآية [الرعد : ١٦].
٢٢ ـ وقوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) دليل على صحة قياس العكس على وحدانية الله تعالى.
٢٣ ـ وقوله : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) دليل على أنّه لا علّة لفعل الله تعالى ، وأنّه غير داخل (٢) (٢١٨ ظ) تحت حكم ، ولا مفض إلى ظلم أيّ شيء فعل لعلمه الغيوب ، وسبقه العيوب.
٢٤ ـ (بُرْهانَكُمْ) أي : الوحي المفخر بالإذن ، واتخاذ الشركاء ، في نحوه قوله : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) [الحج : ٧١].
(هذا) : يعني : القرآن.
و (ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) : من المؤمنين واليهود والنصارى وعيسى والخضر وإلياس.
(وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) : من الرسل الماضين وأتباعهم الذين قصّهم الله تعالى في القرآن.
__________________
(١) ينظر : غريب الحديث لابن قتيبة ٢ / ١٤٦ ، والنهاية في غريب الحديث ١ / ٣٢٤ و ٢ / ١٣٣ ، وغريب الحديث لابن الجوزي ١ / ١٨٣ و ٣٤٨ ، ولسان العرب ٦ / ٢٧٧. والجيشات : جمع جيشة وهي المرّة من جاش إذا ارتفع ، ويريد بذلك ما ارتفع من الأباطيل. المراجع السابقة.
(٢) ساقطة من أ.