تعالى ، لأنه هو المقدر له ، وهو الذي ألهم الإنسان ما يعمله ، ومنحه القدرة التي تمكنه من العمل. وقد ندد الله ـ سبحانه ـ بالمنافقين الذين كانوا يعتبرون الخير من الله ، ويجعلون الرسول صلىاللهعليهوسلم سببا في الشر الذي يصيبهم وبين أنهما من عند الله. فقال :
(وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً). (٣٣٦)
ومع ذلك فليس من الأدب أن تنسب السيئة إلى الله عزوجل ، لأن الإنسان هو الذي سعى إليها ، وكان سببا في وقوعها :
(ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٣٣٧)
والمصائب تنزل على الإنسان بسبب ذنوبه وتقصيره في واجباته ، أو بسبب إهماله وقلة احتياطه. ولو لا عفو الله عنا لأصابنا كثير منها.
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٣٣٨)
والنتيجة أن الإيمان بالقضاء والقدر لا يعفي الإنسان من المسؤولية عن عمله ، غير أن مسؤوليته لا تتعلق بالجوانب الخارجة عن إرادته كطول قامته ولون بشرته ، وإنما يسأل عن الواجبات الشرعية والتكاليف الملقاة عليه. فإن قام بواجباته وأخلص في عمله استحق الثواب ، وإن ضيع الأمانة وغش في عمله ، وفعل ما نهي عنه ، وترك ما أمر به استحق العقاب.
آثار الإيمان بالقضاء والقدر :
إن لهذا الركن من أركان الإيمان آثارا نفسية وتربوية على غاية الأهمية ، إذ أنه
١ ـ يمنع اليأس والحسرة حين يحاول الإنسان تحقيق شيء ، ويفشل فيه. ويجعله يرضى بالنتيجة التي قدرها الله ، فهو أعلم منه بمصلحته :
(وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ). (٣٣٩)