وما يروجه بعض الكتاب من أن زيادة الغذاء الذي يتم الحصول عليه لا تتناسب مع زيادة عدد السكان وهم باطل. وإذا وجدت مجاعة في بلد ما فسببها سوء الاستغلال وسوء التوزيع ، فلو استغلت الأرض الصالحة للزراعة استغلالا جيدا ، واستغلت مياه الأمطار والأنهار والينابيع لري المزروعات ، واستغلت الثروات المخبوءة في أعماق البحار والمحيطات ووزع ذلك على أساس العدل والمساواة ، لفاضت الخيرات وعمت البركات :
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ). (٧٣)
وسوء الاستغلال يجعل بعض الجشعين يحرصون على زراعة ما يزيد أرباحهم لا ما يحتاج إليه الناس. وسوء التوزيع يجعل بعض المحاصيل الزراعية تتراكم في خزانات أولئك الجشعين بدلا من توزيعها على المحتاجين إليها. وهذا ما ينذر المجتمع بكارثة خطيرة :
(فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً (٧٤) فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٧٥) فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ (٧٦) الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٧٧)
وأولئك الذين يجعلون التربية وسيلة للحصول على شهادة للعمل في إحدى المهن والوظائف لا يستفيدون من التربية فائدة كبيرة ، ولا يحصلون على الرزق الوفير. وكم من جاهل يزيد دخله على دخل المتعلم ، وكم من أمي يملك أضعاف ما يملكه حاملو الشهادات العليا!
والرسول صلىاللهعليهوسلم أمرنا بالقناعة والزهد ، ونهانا عن الطمع ومحاولة الحصول على الرزق بالوسائل غير المشروعة.
«إن روح القدس نفث في روعي : لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها. فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. (٧٨)»
وبالتالي فلا ننكر أن التربية تسهم في رفع مستوى المعيشة وتحسين سبل الحصول على الأرزاق. ولكن كسب الرزق إذا جعله بعض الأفراد هدفا لهم ، فلا يصح أن يعتبر هدفا عاما أساسيا ، ويجب البحث عن هدف آخر.
٢ ـ نظرية تحقيق الذات : تعني هذه النظرية أن تجعل للفرد من خلال التربية شخصية قوية ، وأن يشعر بكيانه المستقل ، ويصبح له وجود ذو أهمية ، ويحصل على مكانة مرموقة في المجتمع.