حَسْبُنا (٣٣) ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) (٣٤)
فهم لا يقبلون الحقائق العلمية ، ولا يهتدون بكتاب منزل. ولكنهم ضالون متكبرون ، يتبعون الشيطان الذي يوردهم المهالك :
قال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ. وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ). (٣٥)
وليس أضر على الإنسان وأخطر على الحق من اتباع الهوى وتعطيل العقل والحواس ، قال سبحانه :
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً. أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ. بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً). (٣٦)
ومما يدل على قيمة العلم أن الله عزوجل امتن على الإنسان بخلقه وبتعليمه القرآن والبيان ، أي التعبير عن الأفكار والإفصاح عن المعاني. فقال :
(الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ). (٣٧)
ولعل هذا الجمع بين ذكر خلق الإنسان وتعليمه ، وذكر تعليمه قبل ذكر خلقه وبعده ، لدليل على أنه لا شأن للإنسان بغير العلم ، ولا غنى له عنه.
وفوق ذلك فقد رفع الله من شأن العلماء الأتقياء ، ودل على فضلهم بقوله :
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ (٣٨) آناءَ اللَّيْلِ (٣٩) ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ). (٤٠)
وبين الرسول صلىاللهعليهوسلم المنزلة العالية للعلماء والأجر الكبير الذي يحصلون عليه بقوله :
«من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم. وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، والحيتان في الماء. وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب. وإن العلماء ورثة الأنبياء. وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» (٤١).