وذكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلان : أحدهما عابد والآخر عالم فقال :
«فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم. ثم قال : إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير» (٤٢)
والعالم يؤجر على علمه ، ويبقى ثوابه يكتب له بعد موته ، ما دام الناس ينتفعون بعلمه ، ويستفيدون من مخترعاته.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال :
«إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث :
صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له» (٤٣)
والعلماء هم أشد الناس خشية لله وأقواهم إيمانا به ، بسبب ما يتوصلون إلى معرفته من الآيات الناطقة بعظمته وحكمته.
قال سبحانه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ. وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ). (٤٤) والعلم المذكور في هذه الآيات وغيرها لا يقتصر على القرآن وأحكام الشريعة ، بل يشمل كل العلوم النافعة للإنسان.
والأية السابقة التي تضمنت خشية العلماء لله أعقبت ذكر ما يهتم به المختصون في علوم الطبيعة ، كعلماء الفلك وعلماء الأجناس البشرية ، وعلماء طبقات الأرض والنبات والحيوان. وهذا يدل على عناية الإسلام بالعلوم كلها بدون تمييز بين العلوم الدينية والعلوم الطبيعية.
وقد جعل الله العلماء شهودا على أهم قضية في العقيدة ، وهي وحدانية الله عزوجل ، وقرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته ، فقال : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٤٥).
وجعلهم حكاما على الناس يوم القيامة. قال سبحانه :
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٤٦). وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي