كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٤٧).
والعلماء يشفعون في الخلائق يوم القيامة ومرتبتهم بعد مرتبة الأنبياء.
عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال :
«يشفع يوم القيامة ثلاثة : الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء» (٤٨).
ولطالب العلم ثواب كالجهاد في سبيل الله.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع» (٤٩).
وبلغ احترام العقل في هذا الدين أن الرسول صلىاللهعليهوسلم لم يكن يعتمد في دعوته على المعجزات التي يقف الإنسان مبهوتا أمامها.
وإنما كان يدعو الناس بالحكمة ، ويقنعهم بالحجة ، ويأمرهم بالتفكير في هذا الوجود كلما طلبوا منه معجزة خارقة. قال تعالى :
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ. وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ (٥٠) مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ). (٥١)
فانظر كيف نقلهم من طلب المعجزة إلى التفكير في الحيوانات والطيور ؛ وذلك لأن المعجزة تدفع إلى الإذعان والخضوع بدون تعقل ، والتفكير يدفع إلى عبادة الخالق القدير بفهم وقناعة.
وكان الرسول صلىاللهعليهوسلم يقابل طلبهم للمعجزات بإعلانه أنه بشر يبلغ ما يوحى إليه ، لا يملك قوى خارقة ، ولا يستطيع أن يفعل شيئا إلا بإذن الله. قال سبحانه :
(وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً. أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً (٥٢) أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (٥٣) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ (٥٤) أَوْ تَرْقى (٥٥) فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) (٥٦).
وكان من فضل هذا الدين على العقل أن قضى على الخرافات والأساطير ، وأنقذ الناس من الجهل والضلال.