١٤ ـ الذهبي (٧٤٨) :
ومنهم : شمس الدين أحمد بن عثمان الذهبي ، صاحب المصنّفات الرجإليه والتاريخيه الكثيره ، فإنّه الذي يرجع إليه في القرون الأخيره ، وعلی كتبه يعتمد الباحثون والمحقّقون.
ولكنّه موصوفٌ بالتعصّب الشديد ضدّ المخالفين له في العقيده والمذهب ، فقد وصفه تلميذه السبكی ـ بعد أن ذكره بالألقاب الفخمه ، وأثني عليه الثناء البالغ الجميل ـ بما هذا نصّه : «وكان شيخنا ـ والحقّ أحقّ ما قيل ، والصدق أولي ما آثره ذو السبیل ـ شدید الميل إلی آراء الحنابله ، كثير الإزراء بأهل السُنّة ...فلذلك لا ينصفهم في التراجم ، ولا يصفهم بخير» .. «صنّف التاريخ الكبير وما أحسنه لو لا تعصّب فيه» (١).
وذكر السبكی عن الحافظ العلائی أنّ الذهبي قد أثّرت عقيدته في طبعه انحرافاً شديداً عن مخالفيه ، فإذا ترجم أحداً منهم لا يبالغ في وصفه ، بل يكثر من قول من طعن فيه ....
بل قال السبكی : «والذي أدركنا عليه المشايخ النهی عن النظر في كلامه ، وعدم اعتبار قوله ، ولم يكن يستجرئ أنْ يظهر كتبه التاريخيه إلّا لمن يغلب علی ظنّه أنّه لا ينقل عنه ما يعاب عليه» (٢).
أقول :
فمن كان هذا حاله مع علماء مذاهب السُنّة من الحنفيه والشافعيه ، ومع
__________________
(١) طبقات الشافعيه ٩ : ١٠٣ و ١٠٤.
(٢) طبقات الشافعيه ٢ : ١٣ ـ ١٤.