سمع آله الطرب من بيته فترك الرواية عنه
ففي ترجمة المنهال بن عمرو الأسدی ـ من رجال البخاري والأربعه ـ أنّ شعبه بن الحجّاج (١) كان يروی عنه «ثمّ إنّ شعبه ترك الرواية عنه ، لكونه سمع آله الطرب من بيته» (٢) أو «لأنّه سمع من داره صوت قراءهٍ بالتطريب» (٣).
فهكذا كان رأي شعبه ...لكنّ أرباب الصحاح الستّه ـ عدا مسلم بن الحجّاج ـ يروون عنه في صحاحهم ....
ثمّ نراهم جميعاً ـ بما فيهم مسلم ـ يروون عمّن كان «يعلِّم الغناء» ويرتكب غير ذلك أيضاً!! وهو «الماجشون» الملقّب عندهم ب : «الإمام المحدِّث» فإنّه «كان يعلّم الغناء ، ويتّخذ القيان ، ظاهرٌ أمرُه» (٤).
فكم هو الفرق بين ترك الرواية عمّن سمع صوت آله الطرب من بيته ، وبين الرواية عمّن يعلّم الناس الغناء ـ وربّما ياخذ علی ذلك الأُجور ـ ويتّخذ القيان ، وهو بكلّ ذلك مشهور؟!
كان لا يجيز قول من لا يشرب النبيذ :
وهذا ما حكوه عن ابن أبي ليلی (٥) ، مفتی الكوفه وقاضيها ، وهو عجيب جدّاً ، فهبْ أنّه كان يری حلّيّه النبيذ ، مع روآيه الفريقين عن النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله
__________________
(١) لقّبه الأئمّة ب : «أمير المؤمنين في الحديث» ، مات سنه ١٦٠ ، الكاشف عن أسماء رجال الكتب الستّه ٢ : ١٠ ، تهذيب التهذيب ٤ : ٢٩٧.
(٢) سير أعلام النبلاء ٥ : ١٨٤ رقم ٦٤.
(٣) الجرح والتعديل ٨ : ٣٥٧ رقم ١٦٣٤.
(٤) سير أعلام النبلاء ٥ : ٣٧٠ رقم ١٦٧.
(٥) سير أعلام النبلاء ٦ : ٣١٢.