فأمّا طعن النسائي ؛ فلأنّه نال منه جفاءٌ في مجلسه ، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما (١).
فقال الخليلی : كلام النسائي فيه تحامل ، وقال ابن العربی المالكی : هذا يحطّ من النسائي أكثر ممّا يحطّ ابن صالح ، وقال الذهبي : آذی النسائي نفسه بكلامه فيه (٢).
وأمّا طعن ابن معين ، فابن حِبّان حاول تنزيه ابن معين وابن صالح معاً ، فادّعی أنّ الذي كذّبه ابن معين هو : أحمد بن صالح المكی الشمومی وليس أحمد ابن صالح المصری (٣).
وأمّا الذهبي ، فقد انتقد ابن معين بشدّهٍ ، فقال : «ومن نادر ما شذَّ به ابن معين كلامه في أحمد بن صالح حافظ مصر ، فإنّه تكلَّم فيه باجتهاده ...» (٤).
قلت :
بل إنّ القوم كلّهم يتكلّمون في الرجال ـ قدحاً أو مدحاً ـ باجتهاداتهم ، وليس عندهم موازين ثابته في الباب ، وهذا ما نريد التأكید عليه بما تقدّم وياتی.
التوسّع في اشتراط الضبط :
ثمّ إنّهم ـ وإنِ اشترطوا الضبط في الراوي ـ قد توسّعوا في هذا الشرط متی ما شاءوا توثيق الرجل وقبول روايته ، لكونه من رجال الصحاح ، أو من مشاهير
__________________
(١) تاريخ بغداد ٤ : ٢٠٠.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ : ١٦١ والهامش ، ميزان الاعتدال ١ : ١٠٣.
(٣) الثقات ٨ : ٢٦.
(٤) سير أعلام النبلاء ١١ : ٨٢ ـ ٨٣.