أقول :
وحاصل هذا الكلام : وجود المقتضی لأن تكون الصله «بالتصرّف» ، بل إنّ الحديث ظاهر في ذلك ، وهذا هو المطلوب ، لكنّ استقلال النبيّ صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم بالتصرّف مانع من الأخذ بالظاهر ؛ قال : «فیجب أن يحمل علی المحبّه وولاء الإسلام ونحوهما». وسيأتي الجواب عن هذا.
وهل ذكر المحبّه والعداوه دليل علی الحمل المذكور؟
وقد يدّعی أنّ قوله صلّی اللّٰه عليه وآله وسلّم في ذيل الحديث : «اللّٰهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ...» دليل علی عدم إراده «الأولي بالتصرّف» من «المولي» ، وعلی هذا «فیجب أنْ يحمل علی المحبّه وولاء الإسلام ونحوهما».
فنقول :
أوّلاً : هذا الاستدلال ممّن يقلِّد ابن تيميّة في أباطیله عجيب للغآيه ، وذلك لأنّ ابن تيمية يكذّب بهذه الفقره من حديث الغدير ؛ إذ يقول (١) في وجوه الجواب عنه : «الوجه الخامس : إنّ هذا اللفظ ـ وهو قوله : «اللّٰهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله» ـ كذبٌ باتّفاق أهل المعرفة بالحديث ...» (٢).
__________________
(١) منهاج السُنّة ٧ : ٥٥.
(٢) لكنّ الفقره هذه ثابته بالأسانيد المعتبره علی أُصولهم ؛ راجع : مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٨٩ ، ٥ : ٤٩٤ و ٤٩٨ و ٥٠١ ، المصنّف ١٢ : ٦٧ ، ٧٨ ، الخصائص ـ للنسائی ـ : ٢٢٠ ، سُنن ابن ماجه ١ : ٨٨ ، البدآيه والنهآيه ٧ : ٣٤٧ ، كنز العمّال ١٣ : ١٦٨ ، مشكل الآثار ٢ : ٣٠٨ ، المستدرك علی الصحيحين ٣ : ١١٦ ، وغيرها.