يميتهم الله بعد ذلك وقيل : استثناء الأنبياء وقيل الشهداء (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) هي نفخة القيام (قِيامٌ يَنْظُرُونَ) إنه من النظر ، وقيل : من الانتظار أي ينتظرون ما يفعل بهم (وَوُضِعَ الْكِتابُ) يعني صحائف الأعمال وإنما وحّدها لأنه أراد الجنس وقيل : هو اللوح المحفوظ (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ) ليشهدوا على قومهم (وَالشُّهَداءِ) يحتمل أن يكون جمع شاهد أو جمع شهيد في سبيل الله ، والأول أرجح لأن فيه معنى الوعيد ، ولأنه أليق بذكر الأنبياء الشاهدين ، والمراد على هذا أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ، لأنهم يشهدون على الناس وقيل : يعني الملائكة الحفظة (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) الضمير لجميع الخلق (زُمَراً) في الموضعين جمع زمرة وهي الجماعة من الناس وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أول زمرة يدخلون الجنة وجوههم على مثل القمر ليلة البدر ، والزمرة الثانية على مثل أشد نجم في السماء إضاءة ثم هم بعد ذلك منازل (١) (خَزَنَتُها) جمع خازن حيث وقع (كَلِمَةُ الْعَذابِ) يعني القضاء السابق بعذابهم (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) (٢) إنما قال في الجنة وفتحت أبوابها بالواو وقال في النار فتحت بغير واو لأن أبواب الجنة كانت مفتحة قبل مجيء أهلها ، والمعنى حتى إذا جاؤها وأبوابها مفتحة ، فالواو واو الحال وجواب إذا على هذا محذوف ، وأما أبواب النار فإنها فتحت حين جاءوها ، فوقع قوله : فتحت جواب الشرط فكأنه بغير واو وقال الكوفيون : الواو في أبواب الجنة واو الثمانية ، لأن أبواب الجنة ثمانية وقيل : الواو زائدة وفتحت هو الجواب (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) يعني أرض الجنة والوراثة هنا استعارة كأنهم ورثوا موضع من لم يدخل الجنة (نَتَبَوَّأُ) أي ننزل من الجنة حيث نشاء ونتخذه مسكنا (حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) أي محدقين به دائرين حوله (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) الضمير لجميع الخلق كالموضع الأول ، ويحتمل هنا أن يكون للملائكة والقضاء بينهم توفية أجورهم على حسب منازلهم (وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) يحتمل أن يكون القائل لذلك الملائكة أو جميع الخلق أو أهل الجنة : لقوله (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
__________________
(١). الحديث رواه أحمد عن أبي هريرة ج ٢ ص ٢٥٣.
(٢). قرأ عاصم وحمزة والكسائي : فتحت وفتحت بالتخفيف وقرأ الباقون : فتّحت وفتّحت بالتشديد.