أحاط الله بها بقدرته ووهبها لكم ، وإعراب أخرى عطف على عجل لكم هذه أو مفعول بفعل مضمر تقديره : أعطاكم أخرى أو مبتدأ (وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني أهل مكة (سُنَّةَ اللهِ) أي عادته والإشارة إلى يوم بدر ، وقيل : الإشارة إلى نصر الأنبياء قديما.
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ) روي في سببها أن جماعة من فتيان قريش خرجوا إلى الحديبية ، ليصيبوا من عسكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فبعث إليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد في جماعة من المسلمين فهزموهم وأسروا منهم قوما ، وساقوهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأطلقهم ، فكفّ أيدي الكفار هو أن هزموا وأسروا. وكفّ أيدي المؤمنين عن الكفار هو إطلاقهم من الأسر ، وسلامتهم من القتل ، وقوله (مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) يعني من بعد ما أخذتموهم أسارى (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني أهل مكة (وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يعني أنهم منعوهم عن العمرة بالمسجد الحرام عام الحديبية (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) الهدي ما يهدى إلى البيت من الأنعام ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ساق حينئذ مائة بدنة وقيل : سبعين ليهديها ، والمعكوف المحبوس ، ومحله موضع نحره يعني : مكة والبيت ، وإعراب الهدي عطف على الضمير المفعول في صدّوكم ومعكوفا حال من الهدي ، وأن يبلغ مفعول بالعكف فالمعنى : صدوكم عن المسجد الحرام ، وصدوا الهدي عن أن يبلغ محله ، والعكف المذكور يعني به منع المشركين للهدي عن بلوغ مكة ، أو حبس المسلمين بالهدي بينما ينظرون في أمورهم.
(وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) الآية تعليل لصرف الله المؤمنين عن استئصال أهل مكة بالقتل ، وذلك أنه كان بمكة رجال مؤمنون ونساء مؤمنات يخفون إيمانهم ، فلو سلط الله المسلمين على أهل مكة ، لقتلوا أولئك المؤمنين وهم لا يعرفونهم ، ولكن كفّهم رحمة للمؤمنين الذين كانوا بين أظهرهم ، وجواب لو لا محذوف تقديره : لو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لسلطناكم عليهم (أَنْ تَطَؤُهُمْ) في موضع بدل من رجال ونساء ، أو بدل من الضمير المفعول في لم تعلموهم والوطء هنا الإهلاك بالسيف وغيره (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ) أي تصيبكم من قتلهم مشقة وكراهة ، واختلف هل يعني الإثم في قتلهم أو الدية أو الكفارة أو الملامة ، أو عيب الكفار لهم بأن يقولوا : قتلوا أهل دينهم ، أو تألم نفوسهم من قتل المؤمنين ، وهذا أظهر لأن قتل المؤمن الذي لا يعلم إيمانه وهو بين أهل الحرب لا إثم فيه ولا دية ، ولا ملامة ، ولا عيب ، (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ)