(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) نزلت فيمن نزلت فيه الأولى وقيل الأخنس بن شريق (ثانِيَ عِطْفِهِ) كناية عن المتكبر المعرض (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) إن كانت في النضر بن الحارث : فالخزي أسره ثم قتله ، وكذلك قتل أبي جهل (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ) أي يقال له : ذلك بما فعلت وبعدل الله ، لأنه لا يظلم العباد (مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) نزلت في قوم من الأعراب ، كان أحدهم إذا أسلم فاتفق له ما يعجبه في ماله وولده قال : هذا دين حسن ، وإن اتفق له خلاف ذلك تشاءم به وارتدّ عن الإسلام ، فالحرف هنا كناية عن المقصد ، وأصله من الانحراف عن الشيء ، أو من الحرف بمعنى الطرف أي أنه في طرف من الدين لا في وسطه (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) خسارة الدنيا بما جرى عليه فيها ، وخسارة الآخرة بارتداده وسوء اعتقاده (ما لا يَضُرُّهُ) يعني الأصنام ، ويدعو بمعنى يعبد في الموضعين (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) فيها إشكالان : الأول في المعنى وهو كونه وصف الأصنام بأنها لا تضر ولا تنفع ، ثم وصفها بأن ضرّها أقرب من نفعها ، فنفى الضرّ ثم أثبته ، فالجواب : أن الضر المنفي أولا يراد به ما يكون من فعلها وهي لا تفعل شيئا ، والضر الثاني : يراد به ما يكون بسببها من العذاب وغيره ، والأشكال الثاني : دخول اللام على من وهي في الظاهر مفعول ، واللام لا تدخل على المفعول ، وأجاب الناس عن ذلك بثلاثة أوجه : أحدها أن اللام مقدّمة على موضعها ، كأن الأصل أن يقال : يدعو من لضره أقرب من نفعه ، فموضعها الدخول على المبتدإ ، والثاني : أن يدعو هنا كرر تأكيدا ليدعو الأول وتم الكلام عنده ، ثم ابتدأ قوله : لمن ضرّه ، فمن مبتدأ وخبره لبئس المولى ، وثالثها : أن معنى يدعو : يقول يوم القيامة هذا الكلام إذا رأى مضرة الأصنام ، فدخلت اللام على مبتدإ في أول الكلام (الْمَوْلى) هنا بمعنى الولي (الْعَشِيرُ) الصاحب فهو من العشيرة.
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية : لما ذكر أن الأصنام لا تنفع من عبدها ، قابل ذلك بأن الله ينفع من عبده بأعظم النفع ، وهو دخول الجنة (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ) السبب هنا الحبل ، والسماء هنا سقف البيت وشبهه من الأشياء ، التي