العبادة ، وكانت للصابئين ولرهبان النصارى ، ثم سمى بها في الإسلام موضع الأذان ، والبيع جمع بيعة بكسر الباء وهي كنائس النصارى ، والصلوات كنائس اليهود ، وقيل : هي مشتركة لكل أمة ، والمراد بها مواضع الصلوات ، والمساجد للمسلمين ، فالمعنى : لو لا دفع الله لاستولى الكفار على أهل الملل المتقدمة في أزمانهم ، ولاستولى المشركون على هذه الأمة فهدموا مواضع عباداتهم (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ) الضمير لجميع ما تقدم من المتعبدات ، وقيل : للمساجد خاصة (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) أي من ينصر دينه وأولياءه ، وهو وعد تضمن الحض على القتال (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ) الآية ؛ قيل : يعني أمة سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : الصحابة ، وقيل : الخلفاء الأربعة لأنهم الذين مكنوا في الأرض بالخلافة ففعلوا ما وصفهم الله به.
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) الآية ضمير الفاعل لقريش ، والخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم على وجه التسلية له والوعيد لهم (نَكِيرِ) مصدر بمعنى الإنكار (عَلى عُرُوشِها) العروش السقف فإن تعلق الجار بخاوية : فالمعنى أن العروش سقطت ثم سقطت الحيطان عليها فهي فوقها ، وإن كان الجار والمجرور في موضع الحال : فالمعنى أنها خاوية مع بقاء عروشها (بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) أي لا يستقى الماء منها لهلاك أهلها ، وروي أن هذه البئر هي الرس ، وكانت بعدن لأمة من بقايا ثمود ، والأظهر أنه لم يرد التعيين ، لقوله : «كأين من قرية» وهذا اللفظ يراد به التكثير (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) أي مبنى بالشيد وهو الجص ، وقيل : المشيد المرفوع البنيان (قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ) دليل على أن العقل في القلب ، خلافا للفلاسفة في قولهم : العقل في الدماغ (١) (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) أي لا تعمى الأبصار عمى يعتد به ، وإنما العمى الذي يعتد به عمى القلوب ، وإن هؤلاء القوم ما عميت أبصارهم ولكن عميت قلوبهم ، فالمعنى الأول لقصد المبالغة ، والثاني خاص بهؤلاء القوم (الَّتِي فِي الصُّدُورِ) مبالغة كقوله : يقولون بأفواههم.
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) الضمير لكفار قريش (وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ) إخبار يتضمن الوعيد بالعذاب ، وسماه وعدا ؛ لأن المراد به مفهوم (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)
__________________
(١). القلب هو مركز العواطف وأما الدماغ فمركز الإدارة العامة لجميع وظائف الأعضاء.