حلوا (انْطَلِقُوا) خطاب للمكذبين وقرأ يعقوب بفتح اللام على أنه فعل ماض ثم كرره لبيان المنطلق إليه (إِلى ظِلٍ) يعني دخان جهنم ومنه ظل من يحموم (ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أي يتفرع من الدخان ثلاث شعب فتظلهم ، بينما يكون المؤمنون في ظلال العرش وقيل : إن هذه الآية في عبدة الصليب لأنهم على ثلاثا شعب فيقال لهم انطلقوا إليه (لا ظَلِيلٍ) نفى عنه أن يظلهم كما يظل العرش المؤمنين ونفى أيضا أن يمنع عنهم اللهب (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) الضمير في إنها لجهنم والقصر واحد القصور ، وهي الديار العظام شبه الشرر به في عظمته وارتفاعه في الهواء ، وقيل : هو الغليظ من الشجر واحده قصرة كجمرة وجمر كأنّه جمالات صفر (١) في الجمالات قولان أحدهما : أنها جمع جمال شبه بها الشرر وصفر على ظاهره ؛ لأن لون النار يضرب إلى الصفرة. وقيل : صفر هنا بمعنى سود يقال : جمل أصفر أي أسود. وهذا أليق بوصف جهنم. الثاني أن الجمالات قطع النحاس الكبار ، فكأنه مشتق من الجملة. وقرئ جمالات بضم الجيم وهي قلوس السفن وهي حبالها العظام (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) هذا في مواطن ، وقد يتكلمون في مواطن أخر لقوله : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) [النحل : ١١١] (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) تعجيز لهم وتعريض بكيدهم في الدنيا وتقريع عليه (كُلُوا وَاشْرَبُوا) يقال لهم ذلك في الجنة بلسان الحال أو بلسان المقال (هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) نصب هنيئا على الحال أو على الدعاء (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا) خطاب للكفار على وجه التهديد تقديره : قل لهم كلوا وتمتعوا قليلا في الدنيا (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) هذا إخبار عن حال الكفار في الدنيا ، وذكر الركوع عبارة عن الصلاة وقيل : معنى اركعوا اخشعوا وتواضعوا. وقيل : هو إخبار عن حال المنافقين يوم القيامة لأنهم إذا قيل لهم : اركعوا لا يقدرون على الركوع كقوله : (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ) [القلم : ٤٢] والأول أشهر وأظهر (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) الضمير للقرآن.
__________________
(١). قرأ حمزة والكسائي وحفص : جمالة بدون ألف وقرأ الباقون : جمالات وهي جمع الجمع.