الاسترابادي : بأنّ هذا المحدّث هو أول من جعل الأخبارية مذهبا ، وأوجد الخلاف بين العلماء يقول : ولم يرتفع صيت هذا الخلاف ولا وقع هذا الاعتساف إلّا من زمن صاحب الفوائد المدنية ـ سامحه الله تعالى برحمته المرضية ـ فانه قد جرّد لسان التشنيع على الاصحاب ، واسهب في ذلك أيّ اسهاب ، وأكثر من التعصبات التي لا تليق بمثله من العلماء الاطياب (١).
الاثر السيئ الحاصل من هذه الفكرة :
بعد ان تطوّر علم الاصول تطورا ملحوظا بلغ مستوى لا بأس به في عصر صاحب المعالم منيّ هذا العلم بصدمة وحملة شديدة ، حتى ان الصراع والمعارضة اصبحت تشتد يوما بعد يوم ، وبخاصة في أواخر القرن الحادي عشر ، واستمر خلال القرن الثاني عشر.
الوحيد البهبهاني يصوّر الصراع مع الأزمة الأخبارية :
ففي هذا النصّ من كلامه يشير الى بعض شبهات الأخباريين ويفندها قال : لما بعد العهد عن زمان الأئمة وخفت امارات الفقه والأدلة على ما كان المقرر عند الفقهاء والمعهود بينهم بلا خفاء بانقراضهم وخلو الديار عنهم الى أن انطمس أكثر آثارهم كما كانت طريقة الأمم السابقة والعادة الجارية في الشرائع الماضية ، انّه كلّما يبعد العهد عن صاحب الشريعة تخفى امارات قديمة وتحدث خيالات جديدة الى أن وتضمحل تلك الشريعة.
توهّم متوهّم انّ شيخنا المفيد ومن بعده من فقهائنا الى الآن كانوا مجتمعين على الضلالة مبدعين بدعا كثيرة ... متابعين للعامة مخالفين لطريقة الأئمة ومغيرين لطريقة الخاصة مع غاية قربهم لعهد الأئمة ونهاية جلالتهم وعدالتهم ومعارفهم في الفقه والحديث وتبحّرهم وزهدهم وورعهم.
وشبهتهم الأخرى هي انّ رواة هذه الأحاديث ما كانوا عالمين بقواعد المجتهدين ، مع انّ الحديث كان حجة لهم فنحن أيضا مثلهم لا نحتاج الى شرط من شرائط
__________________
(١) الحدائق ١ : ١٧٠.