الاجتهاد وحالنا بعينه حالهم ، ولا ينقطعون بانّ الراوي كان يعلم ان ما سمعه كلام امامه وكان يفهم من حيث انّه من أهل اصطلاح زمان المعصوم «ع» ولم يكن مبتلى بشيء من الاختلاجات التي ستعرفها ولا محتاجا الى علاجها (١).
بواعث حصول هذه الأزمة :
وكان الباعث لحصول هذه الأزمة والمقاومة من قبل هذه الجماعة الأمور التالية :
١ ـ انّ علم الأصول والاشتغال به من وجهة نظر الأخباريين يؤدّي بالنتيجة الى الابتعاد عن أحاديث أهل البيت «ع».
٢ ـ كانت نظرة جماعة الأخبارية الى علم الأصول بأنّه حصيلة المذهب السنّي لزعمهم سبق أولئك تاريخيا الى البحث في أصول الفقه والتصنيف فيه ، وبالتالي انّ علم الأصول هو من نتاج العقلية المعادية لمذهب أهل البيت «ع» ، وانّه لم ينشأ علم الأصول عند الشيعة إلّا بعد الغيبة ، فيكون هذا العلم من المحدثات.
٣ ـ بما انّ العقل له دور مهم في معظم المباحث الأصولية وابتناء أكثر أسسها على قواعده ، وذكرنا في بحث النزعة الأخبارية انّهم يعتقدون بأن العقل لا دخل له في مسائل الشريعة ، وانّ الطريق الوحيد اليها هو الشرع والسماع عن الصادقين «ع».
البحث الأصولي في الأزمة الأخبارية :
مع انّ علم الأصول كان الهدف النهائي للضربات والصدمات في الأزمة التي استولت على الفكرة الأخبارية ، لكن مع ذلك كلّه لم يتوقّف تقدّم وتطوّر هذا العلم ، بل وجد رجالا متبحّرين متضلّعين في هذا العلم ، ودافعوا عنه أشدّ الدفاع ، وقاوموا التيار المخالف ، وأخذوا يسيرون قدما في مجال التفكير الأصولي ، وظفروا في هذا المجال بالنجاح النسبي منهم :
__________________
(١) الفوائد الحائرية نقلا عن المعالم الجديدة / ٨٦ ـ ٨٧.