فاتّضح من هذا أنّ عملية استنباط واستخراج الحكم الشرعي إنّما تكون من هذه المصادر الأربعة ، أعني : الكتاب ، والسنّة ، والإجماع ، والعقل ، وسنتكلّم عن كلّ من هذه المصادر بتفصيل أكثر إن شاء الله.
* * *
الأمر الثالث : انّ علم أصول الفقه له ارتباط عميق مع «علم الفقه» ، والنسبة الموجودة بينهما نسبة المقدمة الى ذي المقدمة ، فهو بالنسبة للفقه كالمنطق بالنسبة الى الفلسفة.
ولأجل هذه الرابطة العميقة بين علم الأصول وعلم الفقه يعبّر عن هذا العلم ب «أصول الفقه» ، أي انّ علم الأصول يعدّ بمثابة الأسس والأركان لعلم الفقه.
فعلم الفقه إذا :
في اللغة : الفهم ، واصطلاحا : هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلّتها التفصيلية.
وأخذ الكلمة «الفرعية» في هذا التعريف لحصر البحث وخروج الأصول الاعتقادية عن دائرة موضوع الفقه.
وتحصيل العلم بالأحكام الشرعية له طرق وأسباب خاصة سوف نبحث فيها.
الأمر الرابع : انّ الفقيه هو الذي يحصل له العلم بالأحكام الشرعية بواسطة عملية الاستنباط ، وبذل طاقته من الأدلة والمنابع الخاصة ، وهذه العملية تتوقّف على تحصيل مقدمات وهي :
١ ـ علم النحو ، والصرف ، واللغة ، والمعاني والبيان ، والبديع ،
وذلك انّ القرآن والحديث باللغة العربية وبدون الاحاطة والعلم بهذه المواد المذكورة لا يمكن استخراج الحكم والاستفادة من القرآن والحديث.
٢ ـ تفسير القرآن الكريم. نظرا الى انّ الفقيه يريد الرجوع الى القرآن المجيد واستنباط الحكم الإلهي منه فلا بدّ أن يكون عالما ولو على نحو الإجمال بعلوم القرآن والتفسير.