ثانيا السنة :
وهي عبارة عن قول وفعل وتقرير النبي أو الإمام.
فلو ثبت من طريق الأحاديث ان حكما بيّنه النبي أو الإمام ، أو حصل لنا العلم بأن المعصوم فعل شيئا ، أو أتى بعمل. أو ثبت انّ عملا أتى به أحد أصحابه في مرئى ومسمع منع ولم يردع ويمنع عنه فان عدم ردعه عن ذلك العمل إمضاء له.
ولا خلاف بين طوائف المسلمين في حجّيّة السنة ، انّما حصل الخلاف في أمرين :
الأمر الأوّل ـ هل السنة هي الروايات المنقولة عن النبي «ص» ولم تشمل روايات أئمة أهل البيت «ع»؟ أو انّ السنة تشمل ذلك أيضا؟
ذهب أهل السنة والجماعة الى حجيّة السنة النبوية فقط ، وامّا الشيعة فيعتبرون أقوال الأئمة «ع» ، وأفعالهم ، وتقريراتهم امتدادا للسنّة النبوية المطهّرة في عملية الاستنباط ، وذلك استنادا الى روايات وردت عن الرسول «ص» ولم ينفرد الشيعة بروايتها ، وإنّما ذكرت في مجاميع أهل السنة أيضا مثل قوله «ص» : انّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما ، وانّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (١).
الأمر الثاني ـ هل انّ حجيّة السنة والعمل بها يتوقّف على ما كان قطعي الصدور من قول وفعل وتقرير المعصوم؟ أم انّ الحجيّة تتعدّى الى أبعد من ذلك فتشمل ما كان ظنّي الصدور وخبر الواحد؟ وإذا كانت الحجية تتوقّف على الروايات القطعية فكيف تكون حال المسلمين ونحن نعلم انّ الروايات المقطوع بصدورها عنهم «ع» قليلة جدا؟
فقد ذهب أبو حنيفة الى عدم الاعتماد على الأحاديث في الاستنباط إلّا على سبعة عشر حديثا ، بينما ذهب جماعة الى الاعتماد حتى على الضعيف في الأحاديث.
وغير خفيّ على المرء ما بين هذين المذهبين من تناقض واضح. وأمّا الشيعة
__________________
(١) صحيح مسلم ٤ : فضائل علي «ع» الحديث ٣٦ ـ ٣٧ ، ومسند أحمد ٣ : ١٧.