يذكره باسمه خوفا من الأمويين وأعوانهم ...
وبلغ من حرص الأمويين على طمس آثار أهل البيت وفقههم أن رفعوا من شأن بعض الفقهاء وتركوا لهم أمر الافتاء وبيان الأحكام كسليمان بن موسى الأشدق التوفى سنة (١١٩) وعبد الله بن ذكوان المتوفى سنة (١٣٠) أحد مواليهم وراوي أحاديث أبي هريرة ، ونافع مولى ابن عمر ، وسليمان بن يسار الذي كان ملازما لقصورهم وقد فرضوه على المدينة ، ومكحول مولى بني هذيل ، وأبي حازم بن دينار الأعرج مولى بني مخزوم ، وسليمان بن طرخان ، واسماعيل بن خالد البجلي ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وابن شهاب الزهري ، وغير هؤلاء من علماء الموالي الذين قرّبوهم وفتحوا لهم صدورهم وخزائنهم ، ولم يسمحوا لأحد أن يحدّث عن أهل البيت ، أو يسند لعلي ولغيره من ولده رأيا في الفقه أو في غيره من المواضيع الاسلامية ، مما سبب ضيقا وإحراجا لكثير من الفقهاء الذين كانوا لا يرون لفقه علي وأبنائه بديلا ...
ولمّا أتيح للامامين الباقر والصادق «ع» أن يحدّثا عنه وعن الرسول «ص» وينشروا فقهه وآثار الاسلام توافد العلماء وطلّاب العلم عليهما في مدينة الرسول «ص» من كلّ جانب ومكان ، لا سيّما وقد شهد عصرهما نهضة علمية شملت جميع أطراف الدولة ، وصراعا عقائديا كانت وراءه أيد خفيّة تحاول تشويه أصول الاسلام وتحريفها بما يسيء الى الاسلام ولا يخدم إلّا أعداءه ...
ومهما كان الحال فلقد تتابعت الوفود من جميع المدن والقرى على جامعة أهل البيت ونشطت الحركة العلمية في عهد الامام الصادق «ع» الى أبعد الحدود بعد أن زالت الحواجز التي كانت تحول بين الناس وبينهم (١).
ملامح المعهد الثقافي للمدينة المنورة :
النتاج العلمي الحاصل في الفترة الخاصة من عصر الرسول الى عصر الصادقين «ع» كان بصورة بدائية ولم تتبلور مسائله بالشكل الذي حصل على يد
__________________
(١) سيرة الأئمة الاثنى عشر ق ٢ / ٢٥٢ ـ ٢٥٥.