تكوينها حيث يقول : لقد عاش الامام الصادق مع أبيه الباقر «ع» مؤسس جامعة أهل البيت نحوا من خمس وثلاثين عاما أدرك منها في مطلع شبابه بوادر الانحلال الذي كان يهدد دولة الأمويين بالانهيار ، وفي تلك الفترة وما تلاها من الفترات رافق تلك الحلقات العلمية التي كانت في مسجد المدينة وخارجه باشراف أبيه الباقر «ع» ، وتتألّف كما تؤكد المصادر الموثوقة من مئات الطلّاب والعلماء من مختلف البلاد الاسلامية. وهو الى جانب أبيه يلقّنه من علوم الدين وأسرار الكون وغير ذلك ممّا ورثه عن آبائه عن النبي «ص».
وظلّ الى جانب أبيه الباقر الى آخر نفس من حياته ومدرسة الفقه والحديث والعلوم الاسلامية توالي نشاطها في مختلف المواضيع فيما يخدم مصلحة الاسلام الى أن وافته المنيّة سنة (١١٤) ه ، فاستقلّ الصادق بالزعامة الدينية ، والمسلمون يتطلّعون اليه من كلّ الجهات ، هذا والدولة الأموية تسير بخطإ سريعة الى الفناء ، والانتفاضات الشعبية هنا وهناك تحقق الانتصار تلو الانتصار ...
فكان من الطبيعي والحال هذه أن يوفّروا للامام الصادق «ع» في تلك الفترة كلّ أسباب الهدوء والاستقرار ، وأن يتابع هو مسيرة أبيه الباقر «ع» من حيث انتهى ، لا سيّما وانّ طلاب العلم والمحدثين والذين يريدون أن يناظروا في العقائد ويحملوا الأفكار التي تتعارض مع أصول الاسلام قد انتشروا في مختلف المناطق وأصبحوا يتوافدون الى المدينة من كلّ الجهات ، حتى اجتمع عنده قرابة أربعة آلاف طالب ، عدا أولئك الذين كانوا يقصدونه للمناظرة في مختلف المواضيع.
وحول التكتّل الهائل الغريب وعكوف روّاد العلم حول الصادقين يقول :
ولعلّ من جملة الأسباب التي تكمن وراء ذلك التكتّل حول الامامين الباقر والصادق «ع» هو انّ الأمويين وقفوا من آثار أهل البيت وفقههم موقفا بلغ أقصى حدود الشدّة والصرامة.
وبلغ الحال ببعض الفقهاء اذا اضطرّ أن يسند الحديث الى مصدره ، فان كان عن علي «ع» يقول : قال أبو زينب ، فقد جاء في تاريخ حسن البصري لأبي الفرج بن الجوزي انّه كان اذا أراد أن يحدث عن علي «ع» يقول : قال أبو زينب ، ويتحاشى أن