أبي طالب «ع» وسلمان وأبو ذر وغيرهم ، الذي أخذوا تعاليم الاسلام من يد النبيّ ، وكانوا دعاة الاسلام المخلصين ، والأسوة الحسنة للأجيال عبر التاريخ في سلوكهم الانساني وعملهم البطولي في سبيل نشر تعاليم الاسلام في الأرض ، وبثّ الحياة في المجتمع.
وبعد وفاة الرسول أخذ أئمة أهل البيت وعلى رأسهم على بن أبي طالب «ع» يقودون الحركة الفكرية المتوخّاة من معلّمهم الروحي نبيّ الاسلام «ص» وبثّها في مختلف أقطار العالم الاسلامي ، فكان انطلاق هذه الحركة يتمثّل في فقهاء أهل البيت وأئمة المسلمين من المدينة المنوّرة.
وبلغ هذا الإزدهار والنتاج الفكري غايته في عهد الإمامين الباقر والصادق «ع» ، إذ انفسح لهم المجال وارتفعت عنهم المراقبة والضغط بسبب الحرب القائمة بين بني العباس وبني أميّة ، فكان المجال يساعد على تربية جيل وتثقيفه لحمل الرسالة الإلهية ، وتبليغها للأمة في البلدان الاسلامية ، فكانت المدينة المنورة ، مزدهرة في عصر الصادقين «ع» ، وكان طلّاب العلم والوفود تتوجه من الأقطار الاسلامية الى كسب المعارف واغتراف العلوم إليها.
فكان مسجد النبيّ تنتظم فيه حلقات الدروس ، كما انّ بيوت الأئمة «ع» كانت بمثابة الجامعات تشتمل على جوانب مختلفة من العلوم الاسلامية من التفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والحكم والآداب و... فكان رجال العلم وحملة الحديث ورواته من مختلف الطبقات ينتهلون ويغترفون من هذه المناهل العذبة الطيّبة النقيّة.
قال ابن حجر في الامام الصادق «ع» :
نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمة الأكابر : كيحيى بن سعيد ، وابن جريح ، ومالك والسفيانين ، وأبي حنيفة وشعبة (١).
وللسيد هاشم معروف الحسيني حديث حول جامعة أهل البيت في المدينة وسبب
__________________
(١) الصواعق المحرقة / ١٩٩.