موقف الشيعة من القياس والاستحسان
لقد وقف الشيعة من القياس والاستحسان موقفا سلبيا ، فهي لا تعمل بهما ، ولا تعدّهما من أصول الاستنباط والاجتهاد ، بل أنكرتهما انكارا شديدا ، وبلغ انكار الأئمة «ع» للعمل بالقياس وعدم الأخذ بالرأي أن يقول الصادق «ع» لأبان بن تغلب المتوفى سنة (١٤١) : السنة إذا قيست محق الدين (١).
ووجه عدم العمل بالقياس والاستحسان لأنّهما لا يثبتان حكما ولا ينفيان لأمرين :
الأول : انّ الأحكام منوطة بعلل ومصالح محجوبة عنا في الغالب ، فلو عرفنا مصلحة أو علة لحكم فلا نعلم انّ هذا هو العلة التامة لذلك الحكم ، إذ لعلّ وراء ستار الغيب مصالح وعللا أخرى أيضا لذلك الحكم ، فلا يكون ما عرفناه علة له ، فكم في الشريعة من موضوعات متشابهة محكومة بأحكام مختلفة فكيف يقاس بعضها على بعض عند الجهل بالحكم؟.
الثاني : لورود النهي في ذلك عن أئمة أهل البيت «ع» مستفيضا ، ولكن يستشعر
__________________
(١) أصول الكافي ١ : ٥٧ ح ١٥.